التواضع سمة إنسانية جميلة والشخص المتواضع شخص محبوب يلتف حوله الآخرون، ويقدرونه عكس الشخص المغرور الذي ينفر منه الآخرون. والتواضع يقوم على مبدأ المساواة فأنت مهما ملكت من قدرات أو مركز اجتماعي فعليك أن تعامل الآخرين بطريقة لا تشعرهم بالدونية والإهمال والتحقير وان تكون لديك القدرة علي إدراك نجاح من حولك. يقول الدكتور مارك وايت Mark White في مقالة له في مجلة علم النفس اليوم Psychology Today "ولكن هناك نقطة مهمة تتعلق بالتواضع فلكي تكون متواضعاً، وأن تدرك وتقدر نجاح الأخرين لابد من أن تدرك نجاحك وقدراتك الخاصة، والإنسان الذي يدرك قدراته يتمتع بالتواضع ونظرة المساواة للآخرين، وهذا بالطبع عكس ما نتوقعه ، ولكننا هنا نتحدث عن الإدراك الصحي وليس الإدراك الذي يعتريه الغرور . هذا الإدراك الذي يجعل مديرا لشركة كبيرة يقف بضع دقائق كل يوم عند مغادرته عمله ليتحدث مع حارس الشركة ويسأله عن أحواله ويحييه بابتسامة لطيفة عند وداعه مع أن المدير أكثر سلطة وأكثر ثراءً ونجاحاً". ويتابع الدكتور وايت حديثه فعلى الرغم من أن التواضع سمة جميلة محمودة ولكن المبالغة فيه أيضاً لها جوانبها السلبية التي قد توصل رسالة مؤلمة للطرف الآخر فعلى سبيل المثال تخيل أنك من خريجي جامعة هارفارد ولتظهر التواضع لمن حولك قد تقول ومن باب التواضع " أنا خريج جامعة صغيرة". وبالتالي فإن من حولك قد يفهم أنك تحاشيت ذكر جامعتك الشهيرة ولكن بالنسبة لهم فإنهم قد يعتقدون أنك لم تذكر اسم الجامعة لأنك تعتقد أنهم على درجة عالية من الحساسية وعدم الفهم، أو أنهم قد يحملون ضدك مشاعر الغيرة والحسد في حالة ذكرك لاسم جامعتك. وتخيلوا لو أن إجابة هذا الشخص كانت إجابة واضحة صريحة توضح مدى نجاحه مثل قوله" الحمد لله أنا خريج جامعة هارفارد"!!. ورغم أن للتواضع علاقة كبيرة بكيف يرى ويقيّم الإنسان نفسه فإن ذلك يعني ان يقدر الإنسان ذاته ويعترف بنجاحاته ويذكرها للآخرين دون التواري المصطنع خلف ستارة التواضع الذي بدل ان يوصل رسالة المساواة يوصل رسالة فحواها " أنا يا جماعة أعرف انه ليس لديكم القدرة والنية الصافية لاستقبال وتحمل نجاحي وتقبله لذلك لم أذكره لكم"!!.