** هناك مشكلة حقيقية تتطلب .. وقفة .. ** مشكلة تتصل بروح المسؤولية لدى " المواطن" التاجر تجاه سائر بني الوطن.. بل وتجاه الوطن نفسه.. وتجاه "مواطنيه" هو.. ** وأنا -كمواطن- وإن كنت لا أشك في مواطنة كل فرد فيهم.. ولا في إخلاصه.. إلا أنني أتساءل عما يحدث في الأسواق.. سواء بالنسبة لأسعار السلع والخدمات .. أو بالنسبة لأجور الملكيات المختلفة.. وبالذات.. إثر كل زيادة تقدم عليها الدولة - وفقها الله - لتسعد بها المواطن.. أو عند كل دعم تمنحه لسلعة من السلع.. أو عند أي إنفاق تقوم به بهدف تحقيق الرفاهية في الوطن..؟ ** أسأل السؤال.. وأنا أعرف أن نظرية العرض والطلب التي تؤثر- بصورة مباشرة في الأسعار.. ليست هي السبب في تلك القفزات المباشرة في ارتفاع أسعار بعض السلع.. أو في ندرتها بصورة غير طبيعية.. وفي أوقات معينة .. كحلول شهر رمضان.. أو اقتراب موسم الحج.. أو تزايد أعداد المعتمرين في البلاد.. أو في فترات السياحة وجمال الأجواء في بلادنا.. ** كما أسأل وأنا أعرف أيضاً.. أنه لا توجد لدينا- في الوقت الراهن- أزمة موانئ.. أو مشكلة استيراد.. أو معضلة إنتاج بالنسبة لبعض السلع التي تُصنع أو تنتج في البلد في أفضل الظروف وأيسرها.. ** فقد تكون بلادنا من البلدان القلائل في العالم التي لا تفرض ضرائب على المواطنين تجاراً.. كانوا.. أو مستهلكين .. موظفين حكوميين أو موظفي قطاع أهلي.. ** كما أننا نعتبر من الدول القلائل في هذا العالم التي تعتمد رسوماً جمركية معقولة .. وإجراءات ميسرة أمام الاستيراد.. ** في الوقت الذي تمول المشاريع الإنتاجية والخدمية والطبية بنصف تكلفتها.. وذلك بهدف مساعدة القطاع الخاص على أن يتوسع أكثر.. ويكسب "بعقل" ويخاف الله في المواطنين وفي المقيمين بعد ذلك.. ** وحتى العمل في القطاع الخاص .. فإن الدولة لم تتأخر عن دفع نصف مرتبات آلاف الموظفين من أبناء الوطن.. دعماً لقطاعات حيوية يهم الدولة نجاحها.. كما يهمها- بالمقام الأول – إسعاد المواطن المحسوب عليها في النهاية.. ** كل هذا يحدث في بلادنا.. ولا ينكره إنسان منصف.. ** وهناك من يحسدنا عليه.. ويطالب دوله وأنظمته بالاقتداء بنا فيه.. ** يحدث هذا في المملكة.. لأن الدولة تريد تشجيع القطاع الخاص .. وتنميته.. ومساعدته على أن يضطلع بدور أساسي في عملية التنمية.. ويشارك بفاعلية في تحمل تبعات المسؤولية.. ** ويحدث لأن الدولة باهتمام شخصي وتوجيه مباشر من الملك يرعاه الله .. اتخذت الإنفاق منهجاً قوياً.. حتى في أكثر الظروف الاقتصادية صعوبة في هذا العالم.. ** ففي الوقت الذي انهارت فيه اقتصادات دول كبرى في الشرق والغرب .. ** وفي الوقت الذي أغلقت فيه مؤسسات مصرفية .. وشركات.. وبنوك عالمية ضخمة.. من جراء تلك الأزمة.. وفي الوقت الذي اتجهت فيه الكثير من دول العالم إلى ترشيد الإنفاق للحد الأدنى، وغرقت العديد منها في الديون .. وفي الخسائر.. فإن الملك عبدالله قال كلمته .. ووجه بزيادة معدل الإنفاق.. وفتح خزائن الدولة لمضاعفة وتيرة وحجم المشروعات.. ** كل هذا حدث.. لأنه بعيد النظر .. ولأنه حريص على أن يجنب هذه البلاد أية هزات.. ولأنه أراد أن يجنب المواطن العادي الشعور بوطأة أزمات العالم .. وتراجع اقتصاداته وبالتالي فإن أثر تلك الأزمات علينا كان طفيفاً جداً.. ** لكن.. ** لكن ظاهرة غلاء الأسعار- وإن بدت للبعض أنها بسيطة أو عرضية- حتى في ظل معدلات الإنفاق العالية تلك .. وإجراءات الدولة المتتابعة لكسر حدة التضخم والسيطرة عليه.. كل ذلك بدا.. وكأن الدولة تعمل في اتجاه .. ورأس المال الوطني يتحرك في اتجاه آخر.. وأصبح المواطن على الحالة التي نحياها الآن ولا نجد لها مبرراً أو تفسيراً مقبولاً.. ** وعندما قلت في البداية إن هناك مشكلة حقيقية نعاني منها.. فإنني أقصد حالة "الغلاء" المستشرية وغير المبررة، والتي تشعر بها الأكثرية .. ويعاني منها الكل.. ** وهي حالة يجب أن يوضع لها حد.. من قبل رجال المال والأعمال أنفسهم.. لأنهم مواطنون بالدرجة الأولى.. ولأن البلد بلدنا جميعاً.. ولأن المال مال الله.. ولأن لكل مواطن فينا حقاً في أن يعيش هانئاً في بلد أعطاه الله الخير كل الخير.. ووهبه "قيادة" تخاف الله في أبنائها.. ولا تتأخر في بذل الجهد في سبيل إسعادنا جميعاً.. تجاراً.. وذلك بتنمية مواردهم بطرق مشروعة.. ومواطنين للعيش في بلدنا الآمن والتمتع بحالة الاستقرار الشامل في أرجائه.. ** ولو كنتُ رجل مال أو أعمال.. لتنادبت مع الآخرين ممن رزقهم الله وأفاء عليهم من نعمائه.. ولعقدنا العزم على أن نُجسِّر هذه الفجوة بيننا وبين مواطنينا.. بدلاً من أن ندفع الدولة إلى اتخاذ ما قد تراه حافظاً لمصالح الجميع..إذا سارت الأمور على نحو لايخدم مصالح الوطن العليا لا سمح الله.. *** ضمير مستتر ** (تظل هناك ضمائر حية.. وخيِّرة.. وحريصة على أن تضع مصالح الوطن العليا فوق وقبل مصالحها).