في محلات بيع التمور في حي الصفا بمدينة جدة والتي تنتشر على مساحة كبيرة من شارع أم القرى طلبتُ من البائع تمر نبوت سيف"كرتون"، وكان وافداً عربياً، أحضر الكرتون وأصر على السعر المطلوب، لم أمانع فقط طلبت منه فتحه لقراءة تاريخ انتهاء الصلاحية، والتي يفترض أنها جديدة خصوصاً وأن التمور تستهلك والسوق نفسه يتردد عليه عشرات الألوف، فتح الكرتون قرأت التاريخ والمحدد بعام واحد للصلاحية اكتشفت أنه منته منذ بداية شهر شعبان، وان المفترض بالبائع التخلص منه وعدم عرضه، وعندما قلت له ان الصلاحية منتهية منذ أكثر من شهر أجاب ببرود وعدم اهتمام «انه لا يعرف القراءة» وأغلق الكرتون وأعاده، امسكت بعدة أكياس مغلفة بلاستيكية اتضح أنها كلها منتهية، وعندما سألت عن دور البلدية ومتابعتها للبسطات المنتشرة استغرب عدة بائعين وهم يسمعون وتجاهلوا الأمر، ورد البائع بأنهم مالهومش دعوة بالبلدية.. كان الوقت بعد المغرب، وأنا أغادر لأشتري من مكان آخر يصلح للاستعمال الآدمي،استغربت لأنني لم أعرف رقم التبليغ ومن المسؤول في البلدية؟ وهل سيأتي إن حاولت الاتصال؟ وهل سيترك راحته ليتحرك لضبط تمور منتهية الصلاحية؟ والغريب انهم يبيعون في أماكن مفتوحة ومكشوفة طوال النهار وحتى منتصف الليل، ولا يسأل أحد على الاطلاق عن أهمية الصلاحية؟ أين البلدية؟ وأين من يتابعون الغش التجاري وهو المتركز هنا في بيع مادة فاسدة ومنتهية قد يكون اشتراها بأسعار زهيدة من المصانع التي أرادت التخلص منها! أو تكون مأخوذة فوق بيعة تمور هذا الموسم؟ الأهم في الأمر أن البائع والذي يقول انه لا يعرف القراءة سيأتي إليه من يشتري منه وهو لا يعرف القراءة من كبار السن نساء ورجالا وسيأخذ ما لديه دون ان يقرأ تاريخ الصلاحية لأنه يعتقد ان التمر لا صلاحية له، وقد يأتي إليه شخص يقرأ ولكن لن يركز أو يضيع وقته ليتأكد من الصلاحية المنتهية وسوف يشتري دون متابعة أو تدقيق. مشكلة المستهلك أنه يدفع فقط دون أن يهتم بقيمة المنتج الذي دفع فيه، أو مدى صلاحيته، أو استحقاقه للمبلغ الذي دُفع فيه، مشكلة المستهلك أنه يسارع في المواسم إلى الشراء المكثف، ويرصد ميزانية لموسم رمضان دون أن يتوقف أمام استغلال التاجر له، أو تقديم منتج له أغلى من قيمته الفعلية، وأقل جودة مما دُفع فيه. يتسوق الناس هذه الأيام تحت ضغط حرارة الجو الخانقة حتى وإن كانت مراكز التسوق والسوبر ماركت باردة، إلا أن الزحام الشديد الذي تشهده، وطول الوقوف أمام الكاشيرات قد يدفعان المتسوق إلى ترك ما ظل يجمعه في عربته أو عرباته والخروج هارباً من طول الانتظار وهو ما يبدو الآن في كثير من السوبر ماركت حيث تجد عربات مكدسة أمام الكاشير، أو الممرات دون أن يكون لها مطالب أو باحث عنها. أعود إلى بائع التمور العربي والذي يبدو إن ضبطته البلدية سيقول لها إنه لا يقرأ، طبعاً هذا في أحلام المثاليين، وفي أروقة ما نكتبه، لأنه سيبيع منتجه الصالح والطالح والمنتهي الصلاحية ولن يسأله أحد، وحتى إن اكتشف أحدهم ذلك قد يتخلص منه في المنزل وقد لا يشتكيه للجهات المسؤولة لأننا لسنا فاضين للشكاوى ورمضان كريم، ولكن أريد أن أصادق على كلام صديقة عربية منذ سنوات قالته لي وضحكت عليه ولم استوعبه إلا هذه الأيام عندما حدثتني بأن من يأتي إلى السعودية «يغتني» ويعود ولديه الكثير واستغربت من اننا نحن السعوديين أو الغالبية منا موظفون وننتظر راتب آخر الشهر ولا نحاول أن نستفيد من فرص الغنى الموجودة لدينا، بل زادت بأن السعودية لو رُفعت بها بلاطة لوجد تحتها مال ونقود ولكن من الشاطر الذي يحدد البلاطة ويستخرج ما تحتها؟! ويبدو أن الوافدين قادرون على تحديد مكان البلاط حتى وإن كانت إزالته صعبة في ظل أن لا أحد يسألهم لماذا ترفعون هذه البلاطة؟ لا مسؤول أو مواطن. ورمضان كريم عليكم دائماً..