مازال المؤرخ والآثاري "د.تنيضب عواده الفايدي" يذكر حارته الصغيرة (الحوش) التي كانت تقبع بجوار جبل سلع، وهناك كان يسمع دوي المدافع التي تبشّره وأهالي المنطقة بقدوم شهر رمضان المبارك، فيخرج بصحبة بعض الأطفال منشدين بعض الأهازيج الترحيبية: "جابوه، ماجابوه" و"أهلاً رمضان أهلاً أهلاً" عائداً بذاكرته تلك التي لا تنسى إلى المسحراتي الذي كان يدور في كل ليلة برفقة طبلته ليوحد الدائم، ثم مازال يذكر طريف ذكريات ذلك الزمن الجميل حينما استضاف أحد أصدقائه من سكان (حوش كرباش) جميع مصلي القيام بالمسجد النبوي الشريف في منزله وكان عددهم ثمانية رجال فقط. العم أحمد الحازمي ومرزوق الجهني وحسين الزيلعي يقاسمون "الفايدي" في استعادة حكايات رمضان زمان، حينما كانوا يستقبلون منتصف شعبان بالذرة المحمصة والحمص واللب واللوز والحلاوة والمشبك واللحم المجفف من سوق النخامة، ثم يخرجون الأطفال حاملين الفوانيس داخل الأحياء، فتقدم لهم ربات البيوت الحلوى بعد أن تطيب ثيابهم. ثم تأتي (الشبة) في مقدمة العادات التي اندثرت، حيث يجتمع بيوت الحي جميعاً على وجبة الإفطار بالتناوب، وللنساء دور كبير منذ الصباح الباكر في تجهيز "حب الشربة المدشوش"، كما يحضرن "المهراس"، وهو عبارة عن حجر مربع متوسط الحجم وبداخله حفرة منحوتة مازال النساء ستخدمنه على الرغم من أنه يصل قدمه إلى 200 سنة، كذلك ارتفاع أصوات المدافع التي تطلق من قلعة قباء في وقتي الفطور والسحور، والاجتماع تحت ظلال النخيل لقراءة القرآن.