تكشف المؤشرات الأساسية للتنمية في أفريقيا عن واقع يبدو الأقسى من نوعه على صعيد عالمي، حيث الانخفاض الكبير لدخل الفرد، وتدني أو غياب الخدمات العامة، ووهن فرص الحياة بشتى صنوفها. إن إثيوبيا بناتجها القومي هذا تمثل نموذجاً لمعضلات الدولة الأفريقية، فهي دولة ذات 90 مليونا وثمانمائة ألف نسمة، تحتل المركز الثالث عشر عالمياً من حيث ثقلها الديموغرافي، فضلاً عن كونها دولة شاسعة، تتجاوز مساحتها المليون كيلومتراً مربعاً.إن الناتج القومي الإثيوبي يساوي حوالي 21.8% من الناتج القومي لبلجيكا، البالغ سكانها 10.4 مليون نسمة. في المؤشرات الديموغرافية العامة، سجلت غالبية دول القارة معدلات نمو سكاني عالية نسبياً. وحافظت هذه الدول جزئياً على تراتبيتها من حيث الثقل السكاني. تفيد معطيات العام 2011، أن الدول الخمس الأولى من حيث عدد السكان في أفريقيا هي: نيجيريا ( 155.2 مليون نسمة – الثامنة عالمياً)، إثيوبيا (90.8 مليون نسمة)، مصر ( 82 مليون نسمة)، جمهورية جنوب أفريقيا (49 مليون نسمة)، والسودان - قبل انفصال الجنوب - (45 مليون نسمة). وأقل دول إفريقيا سكاناً هي جيبوتي (757 ألف نسمة). ومن الدول محدودة السكان في أفريقيا أيضاً، كل من: غينيا بيساو (1.6 مليون نسمة)، الغابون (1.57 مليون نسمة) وجزر القمر (794 ألف نسمة). على مستوى معدلات النمو السكاني في أفريقيا، احتلت ثلاث دول في القارة قائمة الترتيب العالمي. وهذه الدول هي: زيمبابوي (4.3% - الأولى عالمياً)، النيجر (3.6%)، أوغندا (3.5%). وجاءت بوروندي في الترتيب الخامس عالمياً (3.4%)، وإثيوبيا في الترتيب الثامن (3.1%). وسيطرت دول إفريقية أخرى أيضاً على القائمة العالمية لمعدلات النمو السكاني، من الموقع العاشر حتى الرابع عشر. في المقابل، كان معدل النمو في كل من مصر ونيجيريا (1.9%)، الجزائر (1.1%)، المغرب (1%) وتونس (098%). أما جمهورية جنوب أفريقيا، فقد سجلت نمواً سلبياً قدره (- 0.3%). وتجدر الإشارة إلى أن المتوسط العالمي للنمو السكاني هو 1.09%. وسجلت أدنى معدلات هذا النمو في أوروبا. وشهدت العديد من دولها نمواً سالباً، وصل ذروته في بلغاريا (-07%). في مؤشر اجتماعي آخر، احتلت أفريقيا مواقع أول 12 دولة في العالم على مستوى خصوبة المرأة. وقد جاءت معدلات هذه الخصوبة، وفقاً لمؤشرات العام 2011، على النحو التالي: النيجر (7.6 مولود لكل أمرأة – الأولى عالمياً)، أوغندا (6.7)، مالي (6.4)، الصومال (6.3)، بورندي (6.1)، بركينا فاسو (6.1) و إثيوبيا (6). ويبلغ المعدل العالمي 2.4 مولود لكل أمرأة. وقد سجل أقل معدل في سنغافورة (1.1). في صورة مقابلة، سجلت أفريقيا أعلى المعدلات العالمية على صعيد نسبة وفيات الأطفال أثناء الولادة. وتفيد المؤشرات المثبتة في العام 2011، أن أنغولا قد احتلت المرتبة الأولى عالمياً على هذا الصعيد، بواقع 175 طفل بين كل ألف مولود. وجاءت النيجر في المرتبة الثالثة، بواقع 112 طفل بين كل ألف مولود. ومالي في المرتبة الرابعة عالمياً (111 طفل) والصومال الخامسة عالمياً (105 أطفال). وكان هذا المعدل في نيجيريا 91 طفل، إثيوبيا 77 طفل، كينيا 52 طفل، جنوب أفريقيا 43 طفل، زيمبابوي 29 طفل، المغرب 27 طفل، تونسوالجزائر ومصر 25 طفل، وليبيا 20 طفل. ويبلغ المعدل العالمي 41 طفل لكل ألف مولود. وسجلت سنغافورة أقل معدل عالمي، بواقع 2.3 طفل لكل ألف مولود. على صعيد مؤشرات التعليم، تفيد البيانات المعتمدة عام 2011 بأن معدل من يستطيعون القراءة والكتابة، من سن الخامسة عشر وصاعداً، يبلغ في جمهورية جنوب أفريقيا 86.4% من إجمالي عدد السكان. وفي كينيا 85.1%، زيمباوبوي 74.8%، تونس 74.3%، مصر 71.4%، الجزائر 69%، نيجيريا 68% وأنغولا 67.4%. وهناك معدلات منخفضة سجلت في كل من بوركينا فاسو (21.8%)، تشاد (25.7%)، بنين (34.7%)، سيراليون (35.1%)، السنغال (39.3%)، غاميبا (40.1%)، إثيوبيا (42%). ويبلغ المتوسط العالمي 82%. وكانت النسبة على مستوى الذكور 87% والإناث 77%. وقد سجل أعلى معدل عالمي، بواقع 100%، في كل من النريج ، فينلندا، جورجيا، غرينلاند ولوكسمبورغ. وعلى الرغم من المؤشرات التعليمية السائدة، حققت غالبية الدول الأفريقية معدلات عالية، على صعيد نسبة الإنفاق على التعليم قياساً بالناتج القومي الإجمالي. وقد احتلت ليسيتو المرتبة الثالثة عالمياً، بواقع 12.4%. وجاءت بتسوانا في المرتبة الثامنة عالمياً(8.9%)، جيبوتي في المرتبة التاسعة (8.4%) وبوروندي في المرتبة العاشرة (8.3%). وكانت هذه النسبة في إثيوبيا 5.5%، جنوب أفريقيا 5.4%، مصر 3.8%. وسجلت أدنى نسبة في زيمبابوي وجمهورية أفريقيا الوسطى، بواقع 1.3%. ويبلغ المتوسط العالمي 4.4%. وقد سجل أعلى معدل في تيمور – ليست، بواقع 16.8%. وبلغ هذا المعدل في النريج (6.8%)، فينلندا (5.9%)، جورجيا (3.2%). ولا يعود ارتفاع معدلات الإنفاق على التعليم في أفريقيا، قياساً بالناتج القومي الإجمالي، إلى قوة هذا الإنفاق بالأرقام المطلقة، بل إلى ضعف حجم النواتج القومية الإجمالية في غالبية دول القارة. ووفقاً لمؤشرات العام 2010، تتصدر جمهورية جنوب أفريقيا قائمة الدول الأفريقية من حيث الناتج القومي الإجمالي، حيث بلغ ناتجها 524 مليار دولار (المرتبة 26 عالمياً)، تليها مصر (497.8 مليار دولار)، نيجيريا (377.9 مليار دولار)، الجزائر (251.1 مليار دولار)، المغرب (151.4 مليار دولار)، أنغولا (107.3 مليار دولار) وتونس ( 100 مليار دولار). في المقابل، بلغ الناتج القومي الإجمالي في إثيوبيا 86.1 مليار دولار (المرتبة 76 عالمياً). إن إثيوبيا بناتجها القومي هذا تمثل نموذجاً لمعضلات الدولة الأفريقية، فهي دولة ذات 90 مليونا وثمانمائة ألف نسمة، تحتل المركز الثالث عشر عالمياً من حيث ثقلها الديموغرافي، فضلاً عن كونها دولة شاسعة، تتجاوز مساحتها المليون كيلومتراً مربعاً. إن الناتج القومي الإثيوبي يساوي حوالي 21.8% من الناتج القومي لبلجيكا، البالغ سكانها 10.4 مليون نسمة. وعلى سبيل المقارنة أيضاً، فإن الناتج القومي الإثيوبي يساوي نحو 10.4% من الناتج القومي لتايوان، البالغ تعدادها 23 مليون نسمة. ويساوي كذلك حوالي 4.8% من الناتج القومي لإيطاليا، البالغ تعدادها 61 مليون نسمة. ويساوي 2.9% من الناتج القومي لألمانيا، البالغ سكانها 81.4 مليون نسمة. إن وهن الناتج القومي الإثيوبي يعود إلى وهن صادرات البلاد، حيث لم تتجاوز القيمة الإجمالية لهذه الصادرات 1.73 مليار دولار في العام 2010، لتحتل بذلك المرتبة 135 عالمياً. وتقع إن إثيوبيا، وفقاً لمؤشرات العام 2010، في المرتبة 213 عالمياً، على مستوى دخل الفرد، بواقع 1000 دولار سنوياً، في حين أن المتوسط العالمي هو 11200 دولار. أي أن دخل الفرد الإثيوبي لا يصل حتى إلى عشر المعدل العالمي. وبالطبع، هناك دول في إفريقيا أقل دخلاً من إثيوبيا، إلا أن أخذ هذه الأخيرة، كنموذج لمعضلات القارة، ينبع من كونها ذات ثقل سكاني كبير، تنعكس مشكلاتها على كامل النطاق الإقليمي، بل وما فوق الإقليمي أيضاً. على صعيد احتياطيات دول أفريقيا من العملات الصعبة، تفيد مؤشرات العام 2010 بأن هذه الاحتياطيات بلغت في الجزائر 79 مليار دولار ( الأولى أفريقياً و 36 عالمياً)، المغرب (67.3 مليار دولار)، نيجيريا (40.4 مليار دولار) ومصر (37.8 مليار دولار). في المقابل بلغت هذه الاحتياطيات 4.7 مليار دولار في إثيوبيا. ووصل الرقم أدنى مستوياته أفريقياً في جزر القمر ( حوالي 105 مليون دولار)، وهي تحتل بذلك المرتبة 179 عالمياً، من أصل 188 دولة ومنطقة مصنفة. وقد بلغت إجمالي احتياطيات العالم من العملات الصعبة 22.65 تريليون دولار. واحتلت اليابان المرتبة الأولى عالمياً، بواقع 5.7 تريليون دولار، متفوقة بذلك على الاتحاد الأوروبي، الذي تبلغ احتياطات دوله مجتمعه 5.5 تريليون دولار. على صعيد مؤشرات دخل الفرد السنوي في أفريقيا، تفيد بيانات العام 2010 أن هذا الدخل قد بلغ في الغابون 14.5 ألف دولار (الأولى أفريقياً و80 عالمياً)، في ليبيا وبوستوانا 14 ألف دولار، أنغولا (8.2 ألف دولار)، ناميبيا (6.9 ألف دولار)، مصر (6.2 ألف دولار). وبلغت أدنى المعدلات في النيجر (700 دولار)، إريتريا (600 دولار)، زيمبابوي وليبريا (500 دولار) والكونغو الديموقراطية وبوروندي (300 دولار). وهو أدنى رقم مسجل عالمياً. وما يُمكن قوله خلاصة هو أن تنمية أفريقيا لا تتأتى عبر مزيد من القروض أو المنح المشروطة، بل من خلال استثمارات دولية كبيرة، في القطاعات الإنتاجية والخدمية المختلفة. وربما تكون إثيوبيا ذات أولوية، لكون نهوضها الاقصادي يُمثل نهوضاً لتسعين مليون نسمة، أو لنقل انتشالاً لهؤلاء الناس من ظروفهم القاسية، التي تُعد اليوم بين الأشد من نوعها في عموم القارة.