كان من ابرز توصيات المنتدى السعودي الأول للأوراق المالية دعم فكرة تأسيس مجلس للرقابة على التقارير المالية للشركات وجمعية مهنية لملاك الشركات المساهمة وتطوير آليات الجمعيات العمومية، والذي أتى تأكيداً للحاجة الملحة التي لمسها المستثمرون في الأسواق المالية لتفعيل دور ملاك الأسهم في الرقابة على إدارة الشركات ومكاتب المراجعة، إلا أن مجلس الرقابة المقترح لايجب تقييد نطاق عمله بالتقارير المالية وطرق إعدادها لكون الرقابة يجب أن تشمل أداء تلك المكاتب في ممارسة مهنة المراجعة من جميع جوانبها والتي أصبحنا في حاجة ماسة لها مع نتائج بعض شركاتنا المسيطر عليها منذ سنوات طويلة باستئثار شركات أعضاء مجلس الإدارة بالأرباح العالية وليبقى لمساهمي الشركة فتات الأرباح او خسائر متوالية وغير مبررة! هذا فعلا مايعاني منه مساهمو تلك الشركات كل ربع مالي! ومع تزايد عدد البنوك والشركات التي تتطلب الأنظمة التعاقد مع مكاتب للمحاسبة والمراجعة لمراجعة حساباتها، دخلت سوق المحاسبة والمراجعة عدد من المكاتب المتفاوتة في الأداء والخبرة وفي وقت مازال فيه هناك قصور في فهم ملاك الشركات للدور المطلوب من تلك المكاتب والاعتقاد باقتصاره على تقديم التقرير السنوي بعدالة القوائم المالية للشركة، في حين أن متطلبات الرقابة والمراجعة لأعمال إدارة الشركات لاتتحقق بالاطلاع على أرصدة الحسابات ومطابقتها للقوائم المالية، وإنما يجب أن تقوم تلك المكاتب المعينة بالجمعيات العمومية بالمراجعة الشاملة للعمليات المالية والإدارية وإبداء الرأي حيال مصروفات الشركة وعقودها والجدوى من مشاريعها وأساس التعيين لموظفيها وتحديد رواتبهم ومكافآتهم وكل ما يتسبب في انخفاض كفاءة إدارة الشركة في استغلال إمكانياتها. ومع وجود مكاتب للمحاسبة والمراجعة تحاول الصمود أمام الوضع الحالي لسوق تلك المكاتب وما قد يسئ لتلك المهنة من ممارسات، فقد كشفت بعض الأحداث ضعف بعضها وتغليبها للجانب المالي على الجانب المهني، وقد ساهم في ذلك الدور المفقود للمساهمين في شركاتهم، فخلال مناقشات المساهمين في اجتماعات الجمعية العمومية لبعض الشركات يُلحظ تهميش الإدارة لدور الملاك – كبيرهم وصغيرهم - في حق المساءلة عن بعض الممارسات التي قامت بها الإدارة وتسببت في هدر مالي وخسارة الشركة لأموال او حقوق، وقد نرى أحيانا لغة حادة وجافة وتعال من بعض رؤساء وأعضاء مجالس الإدارة على باقي المساهمين متذرعين بان هناك أسرار عمل ومستندين على أن هناك مراجع للحسابات لم يعترض على ذلك! والمؤسف أن مراجع الحسابات يضل صامتا طوال المناقشات الحادة لكونه لايعلم أساساً بتفاصيل المواضيع المطروحة من قبل بعض الملاك المطلعين على مايحدث داخل الشركة! فبعض الملاك لديهم حقائق وأدلة عن تجاوزات كبيرة تحرج مجلس الإدارة، بينما نجد أن مراجع الحسابات الذي له الحق بالاطلاع على جميع سجلات ومستندات الشركة لايعلم عنها والمشكلة انه لايرى في ذلك حرجا عليه! والغريب انه في بعض الشركات الصغيرة او المملوك معظم أسهمها لجهات حكومية نرى مراجع الحسابات يقف كمدافع عن مجلس الإدارة ويتناسى بأنه وكيل عن جميع المساهمين - مهما بلغت ملكية كل واحد منهم- لكونه يعلم بالدور الضعيف لباقي المساهمين! ومن هنا فان هناك مطلباً مُلحاً لرفع درجة الرقابة على أعمال مراجعي الحسابات ليس فقط من ملاك الشركات بل أيضا من هيئة السوق المالية لتعزيز الثقة بالشركات وإداراتها ومكانتها المالية وبحيث يكون له دور في تحسين أداء الشركات، وقد يكون للهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين دور فاعل في التأكد من التزام المكاتب بالمعايير المهنية وتلمس الخلل والتحقق من ملاحظات المساهمين التي قد يكون منها المخل بأداء الشركة وبحيث يرتبط تجديد الترخيص او إيقافه بمستوى أداء المكاتب لمهامها، ولتعكس تقارير المراجع الوضع الحقيقي لها، فقد شاهدنا في شركات طرحت للاكتتاب او للاندماج مصدقة من مكاتب المحاسبة مضخمة أقيام أصولها! فالقوائم المالية لاتعكس في الحقيقة ماتقوم به إدارة الشركة من ممارسات وتجاوزات قد تخالف النظام، لكون مراجع الحسابات الخارجي لايهتم بالرقابة على الأداء الذي له دور أساسي في تقييم إدارة الشركة او لايكون لموظفي المكتب الخبرة والمقدرة على كشف المستفيد من عقود الباطن وأساليب التحايل التي بالتأكيد تتم بإعداد أوراق ومستندات نظامية!