يُحكى عن الفيلسوف طاليس حسب رواية المفكر العراقي الدكتور علي الوردي في كتابه "مهزلة العقل البشري" أنهُ (أي طاليس) كان يتأمل في السماء وهو يمشي غائب الذهن فسقط في البئر حيثُ ألهتهُ السماء عن رؤية الأرض التي يمشي عليها. إذاً هدف البحث في الإنسان وفي مصالحه وشئونه الدنيوية هو أن يحيا مُطمئن الروح آمن النفس رغيد العيش. وأرى اليوم بالصحافة وسيلة العصر لتحقيق هذا الهدف. لا يهم نوع الصحافة سواء أكانت ورقيّة مطبوعة أم رقميّة اليكترونية. المهم إيصال صوت الناس والمساهمة في حل قضاياهم. يدور الجدل أحياناً حول أهمية طرح هموم المجتمع في وسائل الإعلام فالبعض يعتقد أن لا تنغمس تلك الوسائل وخصوصاً الصحافة إلا بالقضايا النخبوية وطرح الأفكار الفلسفية والارتقاء بفكر وثقافة المُتلقي إذ إنها تُقرأ من النخبة فمن ذا الذي يكلّف نفسه عناء شراء صحيفة أو الاقتطاع من وقته الثمين لكي يقرأ عن سوء خدمات بلدية في محافظة نائية على خريطة الوطن أو شكوى مجموعة من البائسين الذين تشبثوا بأرضهم في عمق الصحراء عن عدم وجود مرفق صحي يلجأون إليه وقت أوجاع وعلل أجسادهم أو معاناة فقراء لا يعرفون من أين ستأتيهم الوجبة التالية وغيرها من القضايا والهموم الإنسانية. البعض الآخر يقول بأن الوسائل الاتصالية في حقيقتها وسيلة تمرير صوت من لا صوت له و من خلالها يستطيع (الوصول) وطرق الأبواب المغلقة لهذا كيف تقطع تلك الوسائل هذه الصلة وتصمّ آذانها عن سماع تلك الأصوات؟؟ الصحافة المطبوعة بالتحديد ليست وسيلة ترفيه ولا (أكشن) كما أنها لم تعد الوسيلة المُحبذة عند البعض لنشرة الأخبار إنما هي لطرح الأفكار ونقل الهموم بجانب دورها التثقيفي ونشر الوعي المُجتمعي. لو ترفعت الصحافة عن القرّاء وقضاياهم وغرّدت خارج سرب هموم المجتمع وتطلعاته وطرح كُتابها ومفكريها نرجسياتهم وفرد عضلات ثقافتهم والتباهي بالعسير من مفردات اللغة فهل تظنون أن القارئ سيعطيها أي اعتبار أو قيمة؟؟