تنطلق في كل عام ومع بداية الإجازة الصيفية وفود شعراء النبط السياحية العابرة للحدود، لتعود لنا في نهاية الإجازة بقصائد من الغزل السياحي المكشوف في أغلب الأحيان، والمتأمل في هذه الظاهرة يعرف أن هذه الظاهرة غير جديدة في الشعر النبطي بل إن لها جذوراً قديمة، فإن ظهور ما يسمى بالغزل السياحي في الشعر النبطي يعود إلى وقت مبكر ارتبط بخروج أبناء الجزيرة العربية من بيئتهم المحافظة إلى البيئات المنفتحة حول العالم، وكانت رحلاتهم في البداية لا تخرج عن هدفين الأول: طلب الرزق والثاني: البحث عن العلاج، كما أنها اقتصرت على دول محدودة، ولكن بعد انهماك أبناء الجزيرة في السفر السياحي لم يبقَ بقعة في العالم لم تطأها أقدامهم. من هنا نلاحظ امتداد جذور الغزل السياحي إلى أكثر من قرن من الزمان، فهذا أحد شعراء نجد يذهب إلى الهند طلباً للعلاج سنة 1331ه، فشاهد أجناساً من الفتيات الجميلات، فأخذ في المقارنة بينهن ليخرج لنا بنتيجة محصلتها هذا البيت: لو تجمع الزينات كله بميعاد لزمٍ يصير الكبر للفارسية أما أشهر قصائد الغزل السياحي فلا شك أنها قصيدة الشاعر المعروف عبدالله لويحان عندما ذهب إلى مصر: لا مت في شارع فواد دفنوني ياطن على قبري بنات مزايين ما عاد أكذّب عقب شافت عيوني بنات من نسل البوش والسلاطين وفي مصر أيضاً قال شاعر آخر: لا سلت عني يا رفيق الرخا واللين أنا في مكان فيه ماني بعجلان أنا في الزمالك ساكنٍ شارع العشرين على ملتقى النيلين لا جيت تلقاني استمرت سحابة الشعر السياحي في الانهمار وامتدت إلى المغرب حيث قال عبدالرحمن العطاوي: علام الوقت يا ناصر تقاصر نهار موادعك هيم الخواصر لقفت الريم في كازا ومازن وبصرت برميهن يوم أنت باصر ولعل أشهر القصائد المغربية قصيدة الأمير عبدالله الفيصل حيث قال: اشتقت للمغرب وأنا توني جاي يا من يساعدني على حر شوقي يا للي تريد دواي فالمغرب دواي رح بي لعله ينطلق فيه عوقي لويحان ويقول شاعر آخر، يظهر أنه من أصحاب الدخل المحدود، واصفاً نتيجة سفره إلى المغرب: أروح للمغرب وأنا البوك مليان وارجع وبوكي يشهد الله خاوي ولا ني بمتحسف ولا ني بندمان هذي طراة العمر لا صرت هاوي ومن المغرب إلى الشام حيث تغزل في جميلاته عدد كبير من الشعراء منهم القائل: يا بنات الشام وش هو باقيٍ فيني ومني خوفن الله والبسن برقع تغطن بالعباة والله إني داله وعايش من أول صغر سني لين رحت الشام جعل الشام تاخذه العداة أما بيروت فكانت من الوجهات السياحية المفضلة في الثمانينيات الهجرية، ولكنها عادت للحضور في المشهد الشعري النبطي في السنوات الأخيرة بأكثر من وجه منها على سبيل المثال قول أحد الشعراء: أنورت بيروت في طلة جبينك ورقصت يومك وطيت تْرابها قابلك ربي وخلقه قابلينك والقلوب مشرعة لك بابها وعلى أي حال فهذه القصائد، رغم خلود بعضها في الذاكرة الشعبية، تظل قصائد خالية من الروح والقيمة الفنية العالية، وإنما قيلت بهدف التسلية والترفيه، ولاشك أن مثل هذه القصائد تطرب (الهواوية) أكثر من غيرهم!! وقد تعمدت أن أضرب صفحاً عن بعض القصائد السياحية الفاضحة التي لا يليق بنا تناولها، ومع عودة الوفود لنا عودة نستعرض فيها قصائد صيف 2011م!!. العطاوي