لم يدر بخلد المتشرد (تيد ويليامز) عند نومه ذات يوم على أحد أرصفة شوارع مدينة كولومبوس بولاية أوهايو أنه سيستيقظ ليجد نفسه حديث العالم، ويتغير حاله من متسول إلى نجم تتسابق عليه كبريات الشركات والمحطات الإعلامية في أمريكا. لمن لم يسمع بقصته (تيد وليامز) هو رجل بسيط، فقير، مشرد، عانى كثيراً في حياته، بلغ الثالثة والخمسين من عمره دون أن ينجح في أي مجال بالحياة، تزوج وأنجب تسعة أطفال ثم هجرهم جميعاً ولم يستطع تولي مسؤوليتهم، بدأت حالته تتدهور منذ العام 1993 أي قبل 18 عاماً، فدخل السجن بعد قضية سطو وسرقة، وأدمن الكحول والمخدرات، وبقي متشرداً لا يهتم سوى بتوفير قوت يومه، كل ذلك الألم والضياع لم يغنه في النهاية عن معرفة الحق والعودة لنداء الإنسانية، فترك المخدرات والكحول في العام 2008 وأصبح في الشارع، يقف بجانب إشارات المرور في ولاية أوهايو طمعاً في أن يحن عليه قلب فيرمي له بعضاً من الدولارات. لكن تيد، لديه موهبة مميزة جداً وعجيبة صوته كان أشبه بالسحر! ذلك الصوت جذب أحد المارة ليسجل له مقطعاً وينشره في اليوتيوب، وخلال أيام فقط، شاهد المقطع أكثر من 20 مليون شخص، ووصل لقنوات كبرى مثل CNN, CBS, NBC، وكل القنوات والصحف الشهيرة بل وقدمت له إحدى الشركات عرضاً للعمل بالإضافة إلى منزل كل ذلك حصل في ثلاثة أيام فقط! أعترف أن ذلك الرجل أثر فيّ كثيراً، لأنه يستحق أن يمنح فرصة جديدة ليصحح حياته. في الحقيقة كلنا نستحق فرصة ثانية، مهما ساءت الأمور فهناك وقت للعودة والنجاح، وهناك دائماً أمل في النهوض والعودة لتصحيح الأخطاء والمضي قدماً. يقول تيد ويليامز: "في العام 2010 أحدهم أعطاني مفكرة لكتابة ما فعلته في هذا العام، كنت سأكتب: سنة أخرى ضائعة! لكنها كانت السنة التي وجدت فيها الله في حياتي"، ما أود قوله، لا أحد يعلم ماذا سيكون عليه في الغد، ولكن ماذا يضر إن أنت منحت لنفسك الفرصة لتغيير نفسك للأفضل، ومنحت للآخرين أيضاً ذات الفرصة؟ نحن دائماً نحكم على الأشخاص وفق نظرتنا المسبقة وقناعاتنا المترسخة، لا نمنح الآخرين أي فرصة ليبرروا ما يفعلونه، ولا نمنح أنفسنا بعض الوقت لنعرف حقيقة الأمر، أن الجميع لديهم فطرة طيبة حتى لو غلفها قلب قاسٍ أو زمن صعب بالعديد من الأغلفة، حتى أسوأ الأشخاص لديهم بلا شك بعض الدوافع الطيبة ليفعلوا تلك الأشياء القبيحة. أنا لا أدعو للتسامح مع الأشخاص السيئين، فقط لنتسامح مع أنفسنا، ولنعطي دوماً فرصة أخرى لمن وجد النور في طريقه بعد أن جلله الظلام كثيراً. تيد أصبح نجماً في أمريكا، ولا يمكن أن يمر يوم دون أن تجد أخباره في أهم الصحف المطبوعة والبرامج التلفزيونية الأمريكية، حصل على عروض كبيرة لتحسين مستوى معيشته، التقى بأمه العجوز، قابل الدكتور فيل ويأمل أن يطور ذلك من نظرته للأمور لكي لا يعود كما كان بالسابق، قدم إعلاناً تجارياً، وأخيراً وصل إلى معقل السينما العالمية “هوليوود” لبحث عدة عروض لبرامج وأفلام قد يشترك فيها. هذا المشرد مجرد مثال نستطيع أن نسقطه على واقعنا ونتعلم من قصته. ليس من العدل أن نقاضي الآخرين لظاهرهم، فوراء ذلك قد تختبيء عشرات القصص الطيبة. نقدنا لهم أمر صحي، لكن ليس فطرياً أن ننتقدهم فقط كي ننتقم منهم، أو لأن مبادئنا الموروثة تتعارض مع معتقداتهم. لنعطهم فرصة جديدة إذا سعوا لها. تيد ويليامز: