علينا أن نعترف بأن في مجلس الشورى كفاءات وخبرات وقدرات علمية متخصصة وواعية وعلى قدر عال من الكفاءة والتميز والمعرفة كل في مجاله وحسب تخصصه وهم تتلبسهم الوطنية الحقة ويتملكهم الإخلاص لهذا الوطن والحب له والعمل من أجله وبدأنا نسمع آراء قوية تطرح ومواجهات حامية بين فئة من أعضاء مجلس الشورى وبعض الوزراء. ويبدو أن الإدراك للمسؤولية الملقاة على عواتقهم والوعي بالدور بدأ يتجلى في الحوارات والمناقشات التي تدور تحت قبة البرلمان وتكشف عنها الصحافة المحلية ولعل هذا الأمر تمثل قويا في مطالبة أحد أعضاء المجلس لوزير الصحة بأن يأخذ مشرطه الطبي ويفصل به أخطاء الوزارة. ومع ذلك يظل المجلس محدودا في تأثيره ومدى قدرته على المشاركة في الحياة العامة ولا يزال المجلس بواقعه الراهن بعيدا جدا عن طموحات وتطلعات الشعب وأفراده فيفترض في أعضائه أن يكونوا صوتا مسموعا ومعبرا عن هموم ومعاناة المواطنين وجهازا رقابيا يرصد الأخطاء والتجاوزات ويحاسب المقصر ويراقب نواحي القصور ويكشف مواضع الخلل ويبحث عن العلاج . وخصوصا في هذه الفترة الحالية ومنطقتنا تمر بمراحل حرجة تاريخيا وظروف صعبة وتحولات خطيرة ولا يخفى أن الأوضاع الاقتصادية ومعاناة الشعوب هما الخطران الكامنان اللذان ينفذ من خلالهما الأعداء ونحن في كل يوم نرى أزمة تطل بعنقها ويعاني المواطنون بسببها وأخشى أن يكون القادم أسوأ والفريق الاقتصادي المسؤول عن إدارة الاقتصاد السعودي محليا وخارجيا مطالب بالابتعاد عن منطق التبرير بأن هذه الأزمات تقع في كل دول العالم وتعاني منها جميع شعوبها ،كما حدث في كارثة سوق الأسهم والبطالة والإسكان والتحفظ على مطالب كثير من الجهات الحكومية فيما يتعلق بمشاريعها دعما وتعثرا . كم أتمنى أن يكون تركيز الأعضاء على الشأن الاقتصادي وعلاجه ومحاولة حماية المواطن من أزماته القادمة والوقوف معه وبقوة حتى لا يكون ضحية لقسوة الحياة وجشع التجار وتجاهل المسؤول لا بد من تقييم أداء الفريق الاقتصادي وكشف نواحي القصور لديه إن وجدت ومقارنة دوره في مواجهة الأزمات الاقتصادية وتطويقها وعلاجها والقضاء عليها بما فعله نظراؤهم في دول العالم كله ويجب أن يدرك مجلس الشورى أنه اليوم مطالب أكثر من أي وقت مضى بسرعة التحرك والإدراك الدقيق والشديد لأهمية الوقت والزمن في علاج الأزمات والسيطرة عليها قبل خروجها عن مرحلة العلاج نمور آسيا وتجربتهم والصين والهند وماليزيا وكوريا الجنوبية نهضتهم وتفوقهم دروس لم نستلهمها بعد ولم نستطع محاكاتهم فيها لقد أثبتوا أن المال هو ثانوي ومهم لكن الأهم والأولوية للعقول المبدعة التي تصنع الحياة وتسير بشعوبها في ركب الحضارة.