سعادة رئيس تحرير صحيفة الرياض السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: اطلعنا على المقال المنشور في صحيفتكم الموقرة في عددها الصادر يوم الثلاثاء 12/7/1432ه، تحت عنوان: "تاريخنا المضاع" للكاتب الأستاذ عابد خزندار، والذي تناول من خلاله ما تشهده منطقة جدة التاريخية من تدهور لبعض آثارها ومعالمها، كما أشار إلى إبعاد ملف جدة التاريخية من أجندة لجنة التراث العالمي نتيجة الإهمال وعدم الاهتمام بالمنطقة، ورغبة في إيضاح بعض الحقائق والمعلومات المتعلقة بهذا الموضوع نود أن نشير إلى ما يلي: - أولاً: نتفق مع الكاتب الكريم على أن جدة التاريخية لم تأخذ نصيبها من العناية والاهتمام الذي يوازي قيمتها التاريخية والعمرانية، إلا أنه لا يمكن القول بأننا أمة بلا تاريخ، أو أنه لا يوجد نظام للآثار حيث طالب الكاتب باستصداره، فقد أولت الدولة أهمية بالغة لاستصدار القرارات والقوانين التي من شأنها المحافظة على الآثار والتراث في المملكة، حيث وضعت الدولة نظاماً للآثار صدر بتاريخ (23/6/1392ه)، وقد أعدت الهيئة العامة للسياحة والآثار مشروع نظام الآثار الجديد بناءً على قرار مجلس الوزراء رقم (141) وتاريخ 28/5/1430ه المتضمن قيام الهيئة بإعادة النظر في نظام الآثار والرفع بمشروع نظام جديد، كما نشير إلى أن جدة التاريخية تعد أول موقع تراث عمراني جرى حمايته وتصنيفه في المملكة العربية السعودية، وفي هذا الإطار لا يمكن أن ننكر الجهود التي قام بها أمراء منطقة مكةالمكرمة صاحب السمو الملكي الأمير ماجد بن عبدالعزيز وصاحب السمو الملكي الأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز -رحمهما الله-، ودورهم في العمل على زيادة الوعي بأهمية هذه المنطقة من خلال مشروع تطوير جدة التاريخية، وما يعمل عليه الآن صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل بن عبد العزيز أمير منطقة مكةالمكرمة والذي يرأس اللجنة العليا لتطوير جدة التاريخية، والتي تعمل للارتقاء بواقع المنطقة وإعادة الاعتبار لها، ومن ذلك تأسيس شركة لتطوير جدة التاريخية. - ثانياً: سبق أن أوضحت الهيئة العامة للسياحة والآثار أن ملف تسجيل جدة التاريخية لم يتم إبعاده أو رفضه من قبل اليونسكو، وإنما تم سحبه من قبل الهيئة قبل عرضه وذلك بغية إتاحة الفرصة لمعالجة الأوضاع التي طرأت على الموقع قبل إعادة تقديم الملف مرة أخرى، وبعد أن يشهد الموقع عملاً يوازي قيمته التاريخية، والسعي إلى تعويض وتدارك الفقد الكبير لقيمة الموقع الاستثنائية التي تضررت كثيراً نظراً لانهيار بعض المباني نتيجة السيول والحرائق. - ثالثاً: نشير إلى أن صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار أولى منطقة جدة التاريخية عنايته الشخصية منذ أكثر من خمسة وعشرين عاماً، وذلك ضمن اهتمام سموه بالتراث العمراني الوطني قبل إنشاء الهيئة العامة للسياحة والآثار وفي إطار رئاسته الفخرية للجمعية السعودية لعلوم العمران، و كان من المنافحين عن هذه المنطقة و المنادين بأهمية نهوض الأهالي و المؤسسات المحلية في محافظة جدة بدورهم، و هو ما أسهم في إبقاء المنطقة و إيقاف التعدي عليها أو مخططات مسحها بشكل كامل. - رابعاً: سعت الهيئة العامة للسياحة والآثار إلى تسجيل منطقة جدة التاريخية ضمن قائمة التراث العالمي وذلك بعد موافقة مجلس الوزراء الموقر، وهي محاولة من قبل الهيئة للمحافظة على ما تبقى منها والعناية بها، ورغبة في حث كافة الجهات والقطاعات المعنية لبذل المزيد من الجهد في مجال المحافظة والعناية، وإنجاز المشاريع التي من شأنها الارتقاء بهذه المنطقة إلى المكانة التي تستحقها؛ لأننا نعتقد أن المحافظة على القيمة التاريخية للمنطقة هي قضية وطنية وليست مهمة خاصة بالهيئة العامة للسياحة والآثار. - خامساً: تتميز منطقة جدة التاريخية بطبيعة خاصة أدت إلى تأخير ضمها إلى قائمة التراث العالمي، ومن ذلك أنها منطقة ذات كثافة سكانية عالية تتجاوز طاقتها الاستيعابية مما يؤدي إلى البطء في تنفيذ مشاريع التطوير، بالإضافة إلى أن المنطقة متوزعة بين عدد من الملكيات الخاصة التي تتطلب الدخول في إجراءات نزع الملكية، وما يستتبع ذلك من إجراءات تجعل عملية التطوير تسير بوتيرة بطيئة لا توازي الجهود المبذولة في سبيلها. - سادساً: إن الهيئة العامة للسياحة والآثار تعمل وفق صلاحياتها والمهام المناطة بها في هذا الملف مع كافة الجهات ذات العلاقة مثل إمارة المنطقة والمحافظة وأمانة جدة لحماية جدة التاريخية وإيقاف التدهور فيها، وقد أثمرت تلك الجهود التي تبذلها الهيئة عن إنشاء مكتب متخصص بالآثار في قلب المنطقة التاريخية، كما أدى التنسيق مع أمانة محافظة جدة إلى تأسيس بلدية فرعية خاصة بجدة التاريخية للعناية بالمنطقة والمحافظة عليها بشكل مباشر، وهي جهود مبدئية تنتظر تفاعلاً أكبر من ملاك المباني في المنطقة، ووعي مماثل من قبل أهالي مدينة جدة بما يوازي الأهمية الوطنية والتاريخية للمنطقة. ولا شك أن الهيئة العامة للسياحة والآثار تعول كثيراً على إسهام الكتاب الأعزاء ومنهم الأستاذ عابد خزندار في بث الوعي لدى المجتمعات المحلية وملاك المباني الواقعة في نطاق منطقة جدة التاريخية للقيام بدورهم المأمول في المحافظة على المنطقة والسعي إلى تنميتها، وضرورة التحرك السريع لوقف التدهور، والانضمام إلى جهود الدولة وتوجهاتها في تطوير المنطقة والارتقاء بها إلى المكانة التي تستحقها. نأمل نشر هذا الإيضاح في صحيفتكم الموقرة. وتقبلوا تحياتنا،،، * نائب رئيس الهيئة للآثار والمتاحف