تباينت آراء مختصين اقتصاديين في مدى أهمية إعادة آلية الدعم الحكومي للشركات السعودية بعد إعلان جهات حكومية التوجه إلى رفع الإعانة الحكومية للمصانع السعودية وفقا لمتغيرات الأسعار العالمية. وأكدوا في حديثهم ل "الرياض" أن استمرار الدعم ينذر بتزايد قضايا الإغراق المرفوعة على المنتجات السعودية بالخارج. وطالبوا بأن تكون برامج الدعم الحكومي مرتبطة بتوقيت محدد للوصول بالشركات السعودية إلى التنافسية العالمية من خلال الخفض التدريجي للدعم الحكومي وليس زيادته. وقال المحلل الاقتصادي فضل البوعينين أنه يجب إعادة النظر في آلية الدعم الحكومي للشركات السعودية بما يحقق المصلحة العامة, مبينا أن التنافسية العالمية تفرض على الشركات السعودية الالتزام بالمعايير الدولية التي تفرضها منظمة التجارة العالمية. ولفت إلى أن قضايا الإغراق تعد من أكبر المشاكل التي تواجهها المنتجات السعودية بالخارج, والسبب الرئيسي في رفع مثل هذه القضايا هو ما يقدم من دعم لمدخلات المصانع السعودية, مضيفا "من هذا الجانب فإنه من المفترض أن تكون برامج الدعم الحكومي مرتبطة بتوقيت محدد للوصول بالشركات السعودية إلى التنافسية العالمية من خلال الخفض التدريجي للدعم الحكومي وليس زيادته كما يطالب به البعض". وأبان أنه يجب أن تعمل الشركات السعودية معايير الربحية لمنتجاتها شريطة تجنب أساليب الاحتكار والاتفاق على الأسعار, فتصبح المنافسة العادلة هي المحرك للأسعار في السوق وليس الاتفاقيات الداخلية فيما بينها. وتحفظ البوعينين على من يطالب بدراسة رفع الدعم الحكومي للشركات المحلية قائلا "ما قدم من دعم يعتبر كافيا للكثير من الشركات للنهوض بنفسها بمعزل عن الدعم الحكومي". وذكر أن الأسعار الحالية للشركات السعودية تحقق لها الربحية بدليل نتائجها المالية الأخيرة ومن ضمنها شركات الألبان التي تركز في مبيعاتها على الشركات الكبرى وليس المستهلكين الأفراد ومع ذلك فهي تحقق أرباحا جيدة مما يعني أنها لا تعاني من انخفاض الربحية على الإطلاق. وأشار بنفس السياق إلى أهمية فتح السوق المحلية للمنافسة العادلة ومن ضمنها تحديد الأسعار المحققة للربحية بشرط أن لا يؤثر ذلك على المستهلكين البسطاء, وإذا ما حدث ذلك فيجب على وزارة التجارة التدخل الحازم العادل بما يحقق مصلحة المستهلك ولا يضر بمصلحة المنتج مع الأخذ بالاعتبار البعد عن مقايضة القرار الحازم بالدعم. وقال إن عدوى ارتفاع أسعار الألبان ستنتقل إلى منتجات أخرى أساسية، وعدوى الارتفاع أشبه بانتشار السرطان في الجسم, مما يستلزم تشديد الرقابة على التجار المستوردين والذين يستغلون المواسم برفع قيمة السلع على أسواق التجزئة, داعيا إلى مراقبة منافذ التوزيع لعدم رفع الأسعار, والقضاء على تسويق السلع القريبة من انتهاء الصلاحية والتي تنشط كثيرا قبل حلول شهر رمضان. من جهته قال الدكتور فهد بن جمعة ان إصدار وزير التجارة قراراً بإخضاع الحليب الطازج والألبان الطازجة لأحكام التنظيم التمويني في الأحوال غير العادية هو قرار يجب إعادة صياغته حتى يتماشى مع الحقائق على أرض الواقع محليا وعالميا حتى نقدم أفضل جودة وأسعار للمستهلك في إطار التغيرات المحلية والخارجية. وأضاف أن متوسط مؤشر منظمة الأغذية والزراعة لأسعار الغذاء في يونيو هذا العام بلغ 234 نقطة بارتفاع 1% عن متوسطه في مايو وبارتفاع بلغ 39% في يونيو 2010. وبلغ مؤشر المنظمة لأسعار الغذاء في فبراير 238 نقطة ووصل لأعلى مستوى له هذا العام، بينما ارتفعت أسعار الألبان الدولية ارتفاعاً طفيفاً في يونيو، حيث بلغ متوسط مؤشر المنظمة لأسعار الألبان 232 نقطة في يونيو دون تغيير تقريباً عن متوسطه الذي بلغ 231 نقطة في مايو، مما نتج عنه تباين في الأسعار، حيث ارتفعت أسعار مسحوق اللبن المجفف المنزوع الدسم والكازين بنسبة 5%، وانخفضت أسعار مسحوق اللبن الكامل الدسم 3%، بينما ظلت أسعار الزبده والجُبن ثابتة. وقال انه من اللافت أن مؤشر أسعار منتجات الألبان العالمية قفز من 95 نقطة في 2003 إلى 220 نقطة في 2008 ثم تراجع إلى 142 نقطة في 2009 بعد الأزمة المالية العالمية، لترتفع مرة ثانية في 2010 وتصل إلى 200 نقطة, ولكنها قفزت في النصف الأول من عام 2011، حيث وصل متوسط المؤشر إلى 230 نقطة وبنسبة 15% عن العام السابق. وعاد ابن جمعة للقول بأن أسعار الألبان العالمية قد ارتفعت وبنسبة كبيرة في السنوات السابقة وقد ينعكس هذا على شركات الألبان السعودية مع التمييز بين الجودة وإدارة الشركات المشهود لها بالإدارة الجيدة والأداء الأفضل محليا ودوليا، بينما الإعانة للمصانع المحلية تتراجع بعد أن تراجعت إعانة الذرة من ألف ريال للطن في 2008 إلى 225 ريالا في 2011، وكذلك تراجعت إعانة كسب الصويا من 1485 ريالاً إلى 379 ريالاً، وبذرة القطن من 1326 ريالاً إلى 325 ريالاً، وقشرة فول الصويا من 918 ريالاً للطن إلى 201 ريال للطن الواحد, وهذا ما دفع بعض الشركات إلى رفع أسعارها. وأكد أن الهامش الربحي للشركات بشكل عام والألبان بشكل خاص قد تقلص حيث تشير معطيات السوق المحلي إلى أن الهامش الربحي تراجع من 10% إلى 2% حاليا، مما سيجبر الشركات لإنتاج منتجات ذات ربحية وتغيير تصميم وأحجام العبوات من أجل تحقيق هامش ربحي جديد في المدى المتوسط. وطالب ابن جمعة الجهات الداعمة بأن تعيد حسابات الدعم بعد ارتفاع أسعار التضخم عالميا ومحليا بما يضمن استقرار أسعار الألبان دون إلحاق الضرر بالشركات المحلية أو المستهلكين.