سيأتي اليوم الذي تضع فيه التكنولوجيا حدا للتلاعبات الزوجية وأكاذيب السهرات والسفر. سترى زوجة فلان ما يراه فلان منذ أن يخرج من البيت ويسافر إلى دبي أو بيروت أو لندن أو في الاستراحة. تتابعه المدام لحظة بلحظة حتى يعود إلى البيت سالما غانما محترما. ستشاهد تفاصيل التفاصيل: مشهد مشهد صوتا وصورة. كأنها هي المسافرة وليس هو. قبل بلوغنا منتصف القرن الواحد والعشرين سيتداخل العالمان الواقعي والافتراضي بشكل لا فكاك بينهما. ستسمى هذه الحالة (augmented reality) (الواقع المعزز). نتواصل اليوم مع الإنترنت عبر الكمبيوتر والجوال. في المستقبل ستصبح الإنترنت في كل شيء وفي كل مكان. في الحيطان, في الأثاث, في الأجهزة, في لوحات الإعلانات والإرشادات وفي نظارات العيون والعدسات اللاصقة. مجرد أن يرمش المرء سيصبح متصلا بالإنترنت. عندما يقف الإنسان أمام قطعة أثاث سيظهر فورا على العدسة اللاصقة (كأنها شاشة كاملة) كل التفاصيل عنها. إذا كان السائح السعودي مسافرا بين بكين وشنغاهي بالسيارة سيقرأ كل لوحات المرور الإرشادية باللغة العربية, وإذا رغب يستطيع أن يقف في استراحة ويتحدث مع الصينيين بلغته العربية وسيسمعهم باللغة العربية وبالمقابل سيسمعونه باللغة الصينية ويقرأ قائمة الطعام بأي لغة يريد. يمكن لهذا السائح أن يتزوج من شابة صينية ويعيش معها بقية حياته دون حاجة أي منهما إلى تعلم لغة الآخر. يعيش الإنسان في الواقع المليء بوجوده الحسي وستعززه التكنولوجيا بما ينقصه عندما يحتاجه. في هذا الوقت الذي نقرأ فيه تجرى أبحاث في جامعة واشنطن في سياتل لوضع الأسس لتقنية (الإنترنت على العدسات اللاصقة). يأمل قائد مجموعة البحث الدكتور باباك أي برافيز أن يكون أولى تطبيقات هذه التقنية سيطرة مريض السكر على مستوى السكر في دمه. ستقدم قراءة فورية لمستوى السكر وإجراء التعديلات اللازمة. ستمتد هذه التقنية لكل التطبيقات المعروفة المستخدمة اليوم في الكمبيوتر. تنزيل الأفلام والأغاني والملفات والاتصال بالمكتب والعملاء وإجراء الاجتماعات والدردشة مع الأحباب. إذا التقيت بشخص وأنت لم تلتق به إلا مرة واحدة قبل عشر سنوات فلن تخذلك ذاكرتك. سوف تتداعى أمامك معلومات كاملة عن اسمه وتاريخه ومتى التقيت به وأين. الشيء المذهل في الموضوع أنك سترى بعيونك ما يراه الآخرون في هذه اللحظة وسيرى الآخرون ما تراه بعيونك. في داخل العدسات كاميرات تصور بالصوت والصورة كل ما يقع على عينيك. كل من تسمح له بالدخول معك يصبح كأنه أنت. تذكر أنه لا يرى صورا أو صورا متحركة كما نرى اليوم بل يرى ما يقع على بؤبؤ عينك بالضبط وبنفس درجة الإضاءة. هذه الرؤية المستقبلية لم تعد حلما. استطاع الدكتور برافيز أن يصغر شريحة كمبيوتر يمكن إقحامها في التركيبة الكيمائية لفلم العدسة. تقوم هذه التقنية على التضافر. سيأتي اليوم الذي يصبح كل شيء متحققا على مستوى مادي له وجود افتراضي على النت. سيصبح عدد شرائح الكمبيوتر بعدد حبات الرمل. كل شيء في هذا الوجود سيكون متضمنا داخل شريحة ملصقة عليه تبث وتستقبل وتخزن. سيتداخل العالمان الواقعي والافتراضي. سيعزز العالم بعالم آخر أوسع وأشمل. ستختفي الأجهزة, كمبيوتر جوال شاشات.., فالوجود سيصبح جهازا واحدا نحن من محتوياته.