بناء على دعوة من الكلية الحربية الفرنسية، القى سفير خادم الحرمين الشريفين في باريس الدكتور محمد بن اسماعيل آل الشيخ محاضرة في المدرسة العسكرية الفرنسية عن الجهود التي تقوم بها المملكة العربية السعودية في مجال مكافحة الإرهاب وذلك تحت عنوان «مكافحة الإرهاب من خلال رؤية دولة عربية» و ذلك صباح يوم الثلاثاء الماضي. وقد أوضح ان المملكة كانت منذ سنوات طويلة ضحية لحوادث إرهابية متعددة الأهداف والتوجهات، مذكراً بحادث احتلال الحرم المكي الشريف في العام 1979م، وبعض حوادث التفجيرات التي تعرضت لها مدن الرياض والخبر منذ عدة سنوات، لذلك فإن المملكة تعتبر في الصف الأول ضمن الدول التي تكافح هذه الظاهرة الإجرامية. وقد أوضح ان بعض الجماعات الارهابية تتخذ من الدين الإسلامي غطاء لأعمالها، والدين الاسلامي العظيم بريء من تلك الأعمال، غير أن نعت بعض وسائل الإعلام خاصة الدولية منها للجماعات الإرهابية بأنها «إسلامية» يساهم في تأصيل هذه التسمية ويزيد من غرور وصلافة هذه الجماعات الإرهابية، في حين أن أفضل وصف وتسمية للجماعات الإرهابية التي تتخذ من الدين الإسلامي الحنيف غطاءً لأعمالها هو وصف «الفئة الضالة» الذي تستخدمه الجهات الرسمية السعودية. كما أوضح بعض الجهود العملية التي تقوم بها المملكة في مجال مكافحة الإرهاب على عدة أصعدة: الصعيد المالي: حيث عملت المملكة على اتخاذ التدابير اللازمة التي تمنع استغلال بعض الجماعات الإرهابية لنظام الاقتصاد الحر الذي تتبعه المملكة والذي يسمح بحرية دخول وخروج الأموال، وكذلك منع سعي بعض الجماعات الإرهابية الى الاستفادة من السخاء المعروف عن الشعب السعودي في التبرع لصالح الأعمال الخيرية، داخل وخارج المملكة، وقد هدفت التدابير التي اتخذتها المملكة في هذا المجال الى ضمان وصول أموال التبرعات الى مستحقيها دون أي تسرب لهذه الأموال لصالح أية جماعات معروفة بميولها الإرهابية، وعدم المساس بنظام حرية حركة الأموال ولكن مع وضع المعايير اللازمة لمعرفة مصدرها والجهة الموجهة لها. الصعيد الأمني: حيث تقوم كافة الجهات الأمنية بجهود حثيثة لتعقب الجماعات الإرهابية والقاء القبض عليهم، وقد شهدت المملكة العديد من العمليات الأمنية الناجحة والتي تمكن فيها رجال الأمن من منع وقوع بعض العمليات الإرهابية والقاء القبض على المئات من العناصر الإرهابية، وقتل من يحاول تعريض حياة الآمنين الى خطر. الصعيد الاجتماعي: حيث يقوم العلماء والأجهزة التعليمية والإعلامية وكافة المتخصصين في المملكة بشرح تعاليم الدين الإسلامي الصحيح التي لا تدعو ابداً الى سفك الدماء والارهاب، وفضح أسانيد الجماعات الارهابية وادعاءاتهم الباطلة، خاصة وأن مكافحة الإرهاب لا تتم فقط عن طريق مكافحة الجماعات الارهابية، بل وكذلك عن طريق مكافحة الأفكار المنحرفة والمضللة ومروجي هذه الأفكار، بالاضافة الى توجيه الشباب نحو الانشطة البناءة والمفيدة. كما حرصت المملكة على تفعيل المشاركة الشعبية لمكافحة الإرهاب، ومن جهود المملكة في ذلك المجال فتح باب الحوار الوطني الذي يضم كافة شرائح المجتمع السعودي، وفي هذا الإطار تم انشاء مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني عام 2003م حيث تم عقد حتى الآن اربع دورات للحوار الوطني في مواضيع مختلفة منها مواضيع تتعلق بالغلو الديني والمرأة والشباب. الصعيد الدولي: حيث ان المملكة طرف في كافة الاتفاقيات الاقليمية الخاصة بمكافحة الارهاب ومنضمة كذلك لعشر اتفاقيات من اصل اثنتي عشرة اتفاقية دولية ابرمت تحت مظلة الأممالمتحدة خاصة بمكافحة الارهاب. كما شدد سعادة السفير على اهمية التعاون الثنائي والدولي لمكافحة هذه الظاهرة الإجرامية، فالخطر الإرهابي لا يتعلق بدولة واحدة أو منطقة جغرافية واحدة، بل هو خطر عالمي يجب مواجهته ضمن اطار التعاون الثنائي والدولي. ومن هذا المنطلق بادرت المملكة الى الدعوة لعقد مؤتمر دولي لمكافحة الإرهاب في مدينة الرياض يعقد في الخامس من شهر فبراير 2005م.