في مساء الثلاثاء أودعت عندي الرضيعة، وقالت في أسى: «طفلتي عندكِ» وديعة.. قلت: استودعي الله فيها.. من لا تضيع ودائعه، سأحنو عليها وأراعيها.. ليقضي الله أمراً فاعله، فطيبي نفساً وقرّي عينا فهي في أمن وأمان، تستمد من اسمي معنى.. أسقيها حباً وحنانا.. شكرتني ودعت لي، وبثقتها.. أسعدتني، ومضت في دربها تنشد.. طبا.. وعلاجا، ترجو.. رحمة ربها بلا خوف ولا انزعاج، لكن!! قضاء الله «حم» ما أراده سبحانه «تم».. نطقت بالشهادة.. يا سعد من «بها» ختم.. في عصر الأربعاء.. حل «القضاء» رحلت لدار البقاء.. ودّعت دار الفناء.. قدر الله ما شاء، كانت صابرة محتسبة شاكرة غير مضطربة، رحلت وهي مطمئنة لا وجلة.. لا جازعة، ربي أسكِنها الجنة في الدار الواسعة. *** وبقيت عندي الصغيرة.. تعبث بالحس وتستثيره، سلبت عقلي وقلبي.. أصبحت في حبها «أسيرة»، بحركاتها.. بضحكاتها.. بنظراتها.. ب «لفتاتها».. كل شيء فيها جميل، كل شيء فيها بديع.. تحاكي نور الصباح.. تحاكي ورد الربيع.. يا لعينيها الحلوتين.. تزهو بهما أمسياتي، تثير في قلبي الحنين.. تشرق بروعتهما حياتي، يا لثغرها الجميل.. «تهمي» به على «خدي».. في قبلة مالها مثيل.. تهيّض بها وجدي.. فأغيب في دنيا من جمال، حلمها الآتي «وردي».. تشبك يديها في يديَّ، تعمِّق فيني معنى الأمومة.. تستفز ما لديّ.. تطرد من قلبي همومه.. تقبل عليّ باكية.. ترتمي في حضن الحنان.. تلقي برأسها شاكية.. من جور وغدر الزمان، لا تقلقي يا صغيرتي، لا تحزني يا طفلتي، لا تجزعي يا حبيبتي، سأكون لك أما.. فلا تحملي اليوم هماً.. مطمئنة آمنة.. في الفؤاد، كامنة في دنيتي ترفلين مترفة، تنعمين في ظلال وارفة.. لا وجلة.. لا.. خائفة، فدتكِ روحي يا.. النايفة.. فدتك نفسي يا.. النايفة.