عش ما تعيش وكل حي ميت وحش ما تحوش وكل شيء ذاهب وقال آخر: العمر مثل الزرع له عدة أيام ما ينفعه سقيه إذا جاء حصاده الحقيقة أنها أبيات بليغة، تسطر معاني عظيمة، وتشكل حكماً رائعة، ودروساً معبرة عن صغر شأن الدنيا، والدعوة من خلالها إلى عدم التشبث بها، والتعلق بحبالها الواهية، وعدم الاكتراث ببريقها المزيف. ولكن الذي يرى من فوق الحقيقة تلك شيء آخر، نشاهد استسلاماً بلا مقاومة، ونرقب اذعاناً للمصير بلا تفاؤل للمستقبل، ونلمح ركوناً إلى القبر التخيلي، كأنهم إلى الموت يساقون وإلى حتفهم يسعون ،لا يريدون بقاء في دنياهم، ولا يبتغون استزادة لغناهم. من هو المسؤول عن تلك الانهزامية المتناهية، ومن الأشخاص الذين يقفون وراء ذلك الاختباء خلف باب الموت حتى ينفتح لهم، لماذا تركناهم خلفنا يتجرعون مرارة الانتظار لمآلهم، وكيف لنا ان نسمح لأنفسنا بإفلات حبل استشراف القادم من أعوامهم المقبلة، وجعلهم يسقطون في مستنقع آلام الحسرة على الأيام الجميلة الغابرة، وهزة جراح الندم على سنين العز العامرة. أمامكم أيها الأبناء، حل من اثنين ودواء تردون به الدين وتوقفون به العبرات من العين، إما ان تزيحوا هاجس الخوف والقلق من الآتي المحتوم، وتزيلوا ركام الاستسلام والانصياع للأمر المحسوم، أو ان تديروا رؤوسكم عن هذا كله، وتوجهوها نحو الحاضر السعيد الواعد، وتضعوا في أعناقكم اكليلاً فواحاً من أزهار الحياة المتأنقة، وتزرعوا أمامكم حدائق الاطمئنان، وبساتين الأمل.