تنفق قطر المليارات على بناء الاستادات الرياضية وشق الطرق ومد الجسور وبناء المساكن والفنادق على شريط صحراوي مطل على الخليج العربي في إطار الاستعداد لاستضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم عام 2022م. ومثل المدن التي تستضيف دورة الألعاب الأولمبية والتي تواجه خطر أن تترك بطاقة كبيرة غير مستغلة بعد مغادرة اللاعبين والمشاهدين تراهن قطر على تسريع تحولها إلى وجهة مالية وسياحية للاستفادة من الطاقة الفائضة. وسيتعين عليها أن تنافس دبي التي أقامت كذلك مدينة صحراوية براقة على شريط ساحلي بمنطق أن البناء سيجتذب الناس على مدى السنوات العشر الماضية لكنها واجهت انفجار فقاعة العقارات والاصول في 2008 و2009 ما ترك لها مئات المباني الخالية. وقال زياد المخزومي المدير المالي بشركة ارابتك للانشاءات في دبي "يتعين عليهم أن يخططوا لما سيفعلونه بها بعد انقضاء الحدث.. إنهم يحاولون تصميم ما يتسم بالعملية في المستقبل". وعلى الجانب الإيجابي فإن دبي في طريقها للانتعاش وإن كان ببطء والوجهتان غنيتان بما يكفي للاستثمار للأجل الطويل. والوجهتان كذلك يسهل الوصول إليهما من أي مدينة كبيرة في العالم عن طريق طائرات ضخمة ما يجعلهما مركزا عالميا طبيعيا للتجارة والمال والسياحة. وتشير تقديرات بنك جولدمان ساكس إلى أن قطر الغنية بالسيولة ستنفق نحو 65 مليار دولار على الاستعداد لكأس العالم الذي سيجتذب نحو 500 ألف مشجع إلى البلد الذي يبلغ عدد سكانه 1.7 مليون نسمة 80 في المائة منهم مغتربون. وتنتشر عشرات الرافعات على كورنيش الدوحة أي أقل بكثير من مئات الرافعات التي انتشرت في أفق دبي وقت ذروة ازدهار قطاع الانشاءات هناك في عام 2008. وتتباهى قطر اليوم بتصميمات معمارية تنافس تلك التي لدى جارتها مثل برج البدع التجاري الذي يبلغ طوله 215 مترا. ومثل دبي أصبحت قطر ساحة لاستعراض المعمار بفضل عملاء يملكون المال والطموحات الجريئة ساعدوا في بناء معالم بارزة في دبي مثل برج خليفة أطول مبنى في العالم. وقال ماجد عزام محلل العقارات في اليمبيك اتش.سي "يجب أن يفرق (القطريون) بين انشاء بنية أساسية مفيدة لمدينة وبين بناء افيال بيضاء (اشياء جميلة لا قيمة لها) كما شهدنا في دبي." وأضاف "في نهاية المطاف كأس العالم والتوسع المتعلق به شيء تفعله قطر لتعزيز مكانتها ولوضع اسمها على الخريطة". وتتطلع الشركات لاقتناص عقود قبل بدء المباريات المقررة بعد أكثر من عشر سنوات في حين تبني قطر خطوطا للسكك الحديدية بتكلفة 36 مليار دولار، ومطارا جديدا بتكلفة 11 مليار دولار، وميناء جديدا بتكلفة 5.5 مليار دولار خلال خمس سنوات. وستنفق البلاد مليارات أخرى على 12 استادا لكرة القدم مكيفة الهواء ما يزيد الحاجة إلى مزيد من طاقة توليد الكهرباء في بلد تتجاوز درجات الحرارة فيه 50 درجة مئوية في الصيف الذي تجرى فيه عادة مباريات كأس العالم. وزاد إنفاق قطر على المشروعات العامة إلى أكثر من ثلاثة أمثاله في السنوات الخمس الماضية ليبلغ 58 مليار ريال (16 مليار دولار) تعتزم الدولة العضو في أوبك انفاقها في السنة المالية الحالية حتى أبريل المقبل. وستكون شبكة السكك الحديدية من بين أوائل خطوط القطارات في المنطقة، ويجري حاليا التخطيط لمشروع طموح لربط دول مجلس التعاون الخليجي الست وهي البحرين والكويت وعمان والسعودية وقطر والإمارات. ومن المرجح ان تحاول قطر جذب حصة من ملايين السياح الذين يتدفقون على دبي المجاورة التي تسوق نفسها باعتبارها ملاذا للسياح في المنطقة واجتذبت أكثر من 1.8 مليون زائر في الربع الأول من هذا العام. وكان لدى قطر 9574 غرفة فندقية متاحة بحلول نهاية عام 2010 ومن المتوقع ان يزيد عدد الفنادق إلى عشرة أمثاله على مدى عشر سنوات ما يقول شاكيل ساروار رئيس إدارة الاصول في شركة الأوراق المالية والاستثمار في البحرين إنه سيؤدي إلى فائض محتمل في المعروض. ويضيف ساروار "استنادا إلى مناقشات أجريناها مع بعض شركات العقارات فإن جزءا من الفنادق سيصمم بشكل يمكن من استخدامه فيما بعد كشقق بعد انتهاء الحدث". وتابع ان استكمال بناء جسر يربط قطر بالبحرين قبل مباريات كأس العالم سيسهل الانتقال من المنامة إلى الدوحة ما يمكن السياح من استخدام منشآت في البحرين. وتعتزم قطر كذلك استخدام سفن فندقية لتسكين الزوار وقت كأس العالم. وقال علي بن عبداللطيف المسند أمين الصندوق بغرفة التجارة والصناعة القطرية "الهيئات الحكومية والشركات العقارية وقطاع الأعمال برمته يدرك ان المسابقة تمثل استثمارا". ومن الفرص المحتملة كذلك تحويل الدوحة إلى مركز للاجتماعات والمؤتمرات وهو ما تطمح إليه دبي أيضا.وتركز الهيئة العامة للسياحة في قطر على الترويج للبلاد كوجهة لعقد الاجتماعات والمؤتمرات والمعارض في منطقة الخليج واطلقت العام الماضي حملة "48 ساعة في قطر" لتشجيع الزوار على مد إقاماتهم في البلاد.