حظ المرأة أنها " امرأة" ، وأن في مواجهتها دائما رجلًا، إن أنصفها مرة أذلّها مرات.. هذا ما تقوله حضارات بلغت أوجها، أو حضارات عانت أفولها والزوال.. في بعض الحضارات كانت المرأة مجرد أداة على الفلاح أن يقتنيها مع المحراث، وكانت إن تعثرت بها الولادة تضرب على الظهر بالقبقاب، إما نفقت وإما أفلتت من العذاب بكرامة طفلها، وفي حضارات أخرى بلغت المرأة مكانة الاعلاء والتقديس، ومن أوصلها الى القمة أو نزل بها الى الحضيض ليس امرأة مثلها بل رجل اذا لم يجد ما يشغله تلهى بالصابرة الصامتة.. وحتى في أيامنا هذه لا نعدم أن نجد كاتبا - أو نصف كاتب - يقول: " كلهن جميلات ما عدا زوجتي" فلا نعرف أهي معابثة بريئة أم كيد لمن لا تستحق الكيد؟! قرأت ضمن الحكم الهندوسية ، على الزوجة المثالية أن تكون: أماً في التغذية والطعام وأرضاً في العفو والمسامحة ووزيراً في النصح والمشورة وموظفاً في العمل والواجب وهذه نصيحة لا تخلو من الحكمة، تصلح للجيل الثاني من أبناء سيدنا آدم عليه السلام، ثم تصبح بالية ورثة، ففي ذلك الجيل كان الانسان يكد في البحث عن طعامه فيؤثر به نفسه الا الأم التي تخرج الطعام من فمها لأطفالها، وكان على الانسان أن يشق بطن الأرض بحثا عن جذور نبتة، فتعفو عنه الأرض المجروحة وتسامحه، وكان الوزير هو رأس الحكمة الذي لا فعل ولا قرار الا بمشورته، وكان الموظف يعمل حتى يغالبه النوم ويستيقظ على العمل.. وبغض النظر عما وضعته الحكمة الهندوسية على كاهل الزوجة حتى بتنا نعتقد أن الحياة الاجتماعية ليست زوجاً وزوجة، بل امرأة تفعل كل شيء ورجل لا يفعل شيئا الا أن ينام ويتمطى بالسيادة من تعب الراحة بعد الراحة. لاأعرف ما إذا كانت الحكمة الهندوسية نافذة وقائمة أم انتهت صلاحيتها في الجيل الثالث، ومع ذلك ربما وجد فيها أجدادنا أو آباؤهم ما يشفي بعض الأمنيات، أما نحن، أجيالنا، فلعلنا نرى أن الأم قد تخلت عن وظيفة إطعام الأبناء لقادمة من جنوب شرق آسيا، وأن الأرض قد تخلت عن العفو والسماحة لأن أحدا لا يشق بطنها لينبتها، وأن الوزير ما عاد يعنيه تقديم المشورة الا لنفسه ومستقبله، وأن الموظف النشيط يختلف عن غيره فقط في أنه مدرك أنه على رأس قائمة البطالة المقنعة، فعلى من ننحو باللائمة، على حكمة أفسدها الدهر حين تغير في طبيعته وتوجهاته، أم على دهر مارق لم يلتفت الى نصح السابقين؟ وفي الحالين - في حالة الانصاف وحالة النكران - تبقى المرأة إن سمت وإن هوت هي المعنية بقسوة الرجل وتسلطه. ليس هذا كله موضوعي هنا، موضوعي إن شئت أن تعرف هو مجرد دعوة الى لحظة لتأمل ديننا الاسلامي الحنيف، وكم أعز المرأة وكرمها وصانها، وأنزلها مكانة سامقة من التبجيل والتقدير، وكأنني فقط أميز الضد بالضد، ومع ابتداء لحظة التأمل هذه لا يعود هناك ضرورة للكلام..