قليلة هي المعلومات التي تلم بشخصية الأديب والمؤرخ الشيخ رشدي ملحس، فلا يمكن ان تقع عينك إلاّ على نزر يسير عن هذه الشخصية مفرقة في بطون الصحف القديمة مبثوثة بين (المنهل وأم القرى والصحف المصرية) أما ان يكون لرشدي ملحس كتاب مستقل يحمل شيئاً عن حياته ويجمع فيه مؤلفاته فهذا لعمري من لا يقوم به إلاّ أولي العزم من الكتاب، حيث أفرد الكاتب الصحفي الأستاذ قاسم بن خلف الرويس لهذه الشخصية كتاباً مستقلاً حمل عنوان (رشدي ملحس.. من نابلس إلى الرياض) الصادر مؤخراً عن دار جداول. وللكتاب قصة دفعت بمؤلفه ان يخرج هذا السفر، حيث كان المؤلف يبحث في موضوع الشعر المنسوب إلى الملك عبدالعزيز فعرف ان المؤرخ الزركلي قد ألمح ان رشدي ملحس فكر في تدوين الشعر المنسوب إلى الملك المؤسس يرحمه الله، ما جعل المؤلف يقوم بمسح المصادر التاريخية والأدبية للبحث عن هذا الموضوع فتكونت لدى المؤلف مادة جيدة عن ملحس وآثاره، فزاد اهتمام الرويس ببعض مقالاته وأبحاثه واطلع على ما كتبه ملحس وما حققه وما كتبه عنه الشيخان حمد الجاسر وعبدالقدوس الأنصاري كذلك الباحثان منصور الحازمي ويحيى محمود بن جنيد، هذه الروافد جعلت من المؤلف ان يسعى جاداً لاستكمال مشروعه فتتبع حياته ورحلاته وتنقلاته حتى وضع عصا تسياره في الرياض رئيساً للشعبة السياسية ومستشاراً خاصاً للملك عبدالعزيز ثم رئيساً لتحرير صحيفة أم القرى الأسبوعية. الكتاب انطوى على تمهيد رصد فيه المؤلف حياة رشدي ملحس منذ مولده وتنقله بين مدن فلسطين والشام ثم مصر ورصد نشاطه السياسي والصحفي. ثم ألحقه بسبعة فصول وهي: سوانح تاريخية تحدث فيه عن الربان النجدي ابن ماجد وتاريخ الطباعة والصحافة في الحجاز ودار الكتب المكية واشتمل الفصل الثاني على نوادر المخطوطات كالآلي في شرح آمالي أبي على القالي وكتاب دستور الإعلام بمعارف الأعلام وكتاب تاريخ الإسلام وطبقات المشاهير والاعلام وكتاب تاريخ المدينة لابن شبة، في حين ضم الفصل الثالث عن مؤرخي الحجاز ونجد ككتاب تاريخ مكة للأزرقي وكتاب عنوان المجد لابن بشر وكتاب أنساب قريش للزبير بن بكار أما الفصل الرابع فقد خص به المؤلف ما كتبه ملحس عن بحثه الموسوم أوضاع الحكومة في عهد عمر بن الخطاب كما جاء الفصل الخامس عن معجم منازل الوحي وفيه يتعقب الأماكن التي وردت في السيرة، هذا وقد جاء الفصل السادس عن منازل المعلقات حيث أورد كل الأماكن الموجودة في المعلقات واختار منها معلقة عمرو بن كلثوم ومعلقة الأعشى واختتم الكاتب الرويس الفصل السابع من هذا الكتاب عن متفرقات المباحث التاريخية والجغرافية مثل بحثه عن تاريخ الإسلام الكبير ورحلة الملك عبدالعزيز من مكة إلى الرياض وكتاب معجم البلدان وآل سعود في التاريخ والأسواق التاريخية والربع الخالي. والكتاب في حقيقته يسلط الضوء على شخصية تاريخية وأدبية وسياسية هامة كان لها الأثر الثقافي البارز في النصف الأول من القرن الرابع عشر الهجري وهو أول عمل يوثق لهذه الشخصية ولمؤلفاتها وهو جهد كبير يضعه الكاتب الرويس في يد القارئ الباحث عن شخصية رشدي ملحس.