امتنع السياح الوطنيون عن الذهاب للدول العربية التي جرت فيها ثورات وقلاقل، فاستغل مؤجّرو الشقق والفنادق الحالة برفع الأسعار، إلى رقم غير منطقي، وحددت الدولة سقف راتب المعلم والمعلمة بخمسة آلاف ريال ودفع خمسين في المائة منها من الموارد البشرية، فأعلنت المدارس الخاصة حالة الطوارئ برفع الرسوم بدعوى غير منطقية، وعندما تبادر الدولة بمنح نسب معينة لغلاء المعيشة، أو مكافأة ما تُحجب بعض السلع عن السوق، ثم تُرفع أسعارها سواء أكانت غذائية أم إنشائية مثل الحديد والأسمنت، أو أدوية، والعذر أن الغلاء جاء من المنشأ، وأننا بلد يعتمد ما يصل إلى 90٪ من احتياجاته على الأسواق العالمية، والعذر الآخر يأتي بسبب انخفاض سعر الدولار المربوط به الريال!! أن تقول أو تكتب عن مثل هذه الحقائق، وتنحاز للمستهلك صاحب الدخل المتوسط فإنك تتهم التجار بقلة وطنيتهم، والذين حسب أقوال بعضهم، لا يحصلون إلا على نسبة ضئيلة من الأرباح! وكأن الشارع مَن يمشي فيه أو يعيش ، أو يتبضع منه مبالِغٌ في كذبه، ونحن نرد أن وزارة التجارة، وفي أخبار الأمس اعترفت برفع الأسعار الغذائية إلى ما يصل إلى 40٪ ، والأسواق بلا رقيب لأن التاجر هو المفوض العام بأن يقيّم ويقدّر فيرفع أو يخفض أسعار بضاعته، وهذا لا يحدث إلا عندنا عندما توضع الموانع بتسعير البضائع أسوة بكل العالم من اشتراكيين إلى رأسماليين، والأقرب لنا الدول الإسلامية التي لديها ذات الضوابط في حماية المستهلك.. التلاعب في الأسعار عملية معروفة، وقد استطاعت جهات إصلاحية ومنظمات مدنية أن تقاضي المحتكرين، وتدفع الدول إلى سن قوانين تجرّم هذا التصرف، ونحن لا ندافع ولا ندين ولكنّ الظاهرة لدينا أصبحت مجال استنكار شعبي، أي أنه كلما يزيد دخل الفرد تُخلق مبررات نهب دخله، وقد وصل الأمر إلى أن تنسحق لدينا الطبقة الوسطى التي وقعت ضحية صعود وهبوط الأسهم التي ذهبت بمدخرات هذه الفئة، ثم جاء سيف التاجر ليقطع الكعكة ويلتهمها.. هناك من اعترف أن وزارة التجارة وملحقاتها والدوائر الأخرى من حماية المستهلك، وأجهزة رقابة البلديات والوزارات يركضون ولكنهم يضيعون في عجاج التاجر الذكي، أي أن مجموع المفتشين والمراقبين، كما تشتكي هذه الدوائر، عاجزون عن تغطية الأسواق لقلة عددهم، والغرف التجارية تنطق وتدافع عن محتوى مؤسسيها وقادتها، والمستهلك وحده يعيش فصل خريفٍ دائم.. قلنا ونرددها مرة أخرى، متى نصل إلى إيجاد الرادع الحقيقي أي سحب رخص التوكيل والاستيراد، ثم التشهير بالمتلاعب بعيش المواطن، وهل ننتظر أن تأتي الدراسات، ثم اللجان، فالقرارات لنجد من يرافع عن حق المستهلك الذي هلك؟!