قد تكون من محاسن المصادفات أو مما يثير الألم في الصدر أن أستمع إلى اتصال أمل مع طاقم مقدمي صباح الخير من إذاعة الرياض ومعي بنيتي لجين التي قد تسلمت شهادتها للتو معلنة بذلك تخرجها في الابتدائية وانتقالها بإذن الله إلى الصف الأول المتوسط مع بداية الفصل الدراسي القادم. أقول استماعي لأمل وهي تتحدث مع المذيعين الاخ سليم والاخت نوف وتحدثهم عن نصائح للطلبة والطالبات حيث تحثهم على النوم المبكر، وتناول وجبة الافطار، والعديد من النصائح الجميلة والمفيدة. إلى هنا كنت أنا وبنيتي نستمتع بالحديث حتى سئلت الأخت المتصلة أمل من قبل المذيعين وأنت أمل بأي صف تدرسين؟ هكذا كان السؤال.. عندها انزعجت انزعاجا وتألمت ألماً عميقاً عندما كانت الإجابة انا لم أدرس وعمري 18 سنة. ولم أدرس لان والدي هو السبب.. استطردت أمل عندما سألوها لم لا تدرسي؟ وتألمت أكثر عندما سئلت وهل تنوين الدراسة؟ قالت أمل الأمر بيد والدي، إذا كان ما تحدثت به أمل صحيحا لا ادري ماذا أقول ونحن في هذا القرن الحادي والعشرين الذي تلهث فيه الناس نحو التعليم.. وفيه حكومة الرجل الصالح عبدالله بن عبدالعزيز التي اختارت من التعليم ركيزة أساسية للتنمية المستدامة والاقتصاديات المعرفية، وفيه تنتشر الجامعات والمدارس والمدارس المتنقلة في كل شبر من هذا الوطن الغالي، وفيه 250 ألف فرد منهم 120 ألف مبتعث، والباقون أفراد عوائلهم ينهلون من المعارف في أرقى الجامعات العالمية، في خضم كل هذا الحراك نجد من يمنع بنيته عن التعليم. وما يجعلني احترق وجعا لهذا الموقف هو قول أمل ان لديها موهبة الرسم. ولديها أيضا اللباقة والذكاء وكانا واضحين من مداخلتها. هذه مسألة خطيرة - وهو أن نجد من يمنع البنت حق التعليم. من المسؤول؟ وهل للأب الحق في منع ابنته؟ أسئلة تترى ويأتي السؤال المهم كيف سيكون مستقبل أمل بلا تعليم؟ كيف ستتزوج؟ ومن يقبل بزوجة غير متعلمة؟ وكيف ستربي أبناءها؟ كل هذه الأسئلة أتوجه بها إليكم أيها السادة، وإلى والد أمل في المقام الاول؟ واقول هل من آخذ على يد والد أمل ليوجهه وينصحه ويوضح له أهمية التعليم؟. في لحظات السماع إلى حديث أمل كنت أقول لبنيتي لجين إن شاء لله ستواصلين إلى أن تصبحي من حملة أعلى الشهادات، فردت علي وقالت أريد أن أصبح باحثة كيميائية - ومن باب التشجيع قلت لها اجمعي يا بنيتي بين الطب والبحث العلمي. وهكذا كنت أحسب جميع الآباء ولم يدر بخلدي أن هناك آباء يحرمون أبناءهم أبسط مقومات الحياة بل عماد الحياة وهو التعليم. وكل عام والوطن يتقدم تعليما ان شاء الله ولا يكون بيننا من هم على شاكلة والد أمل. * باحث - مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث