يكثر الحديث عن الأجندات الخفية هذه الأيام، ويسهل اتهام أي شخص بأن لديه أجندة خفية مخبأة في جيب قميصه أو ثوبه أو حقيبته أو في ملف خفي في جهاز الأي فون أو الأي باد وما شابههما أو في خيال من يتهمه. لذلك فإنني سأريح نفسي وأعلن عن أجندتي رغم أنني لا أصنفها بأنها أجندة خفية، ولا تحمل طابع المؤامرة وليست مجهزة من قبل أشباح ذات عيون زرقاء وشعر أشقر، وليست لها علاقة بالتغريب ( إلا وشو ذا بالضبط؟! وما علاقته بالوجبات السريعة وموسيقى ليدي جاجا؟)، ولم تمل علي عن طريق التخاطر عن بعد من قبل أي منسوب سفارة أو مندوب كوكب آخر خارج المجرة بل إن علاقتي بكل أجنبي لا تتجاوز مشاهدة إعادة لبرنامج اوبرا وينفري على قنواتنا الفضائية وبرامج قناة ديسكوفري ومشتقاتها (كي تعرفوا أنني مطلعة)، إلا إذا كانت صديقتي غير العربية التي تزوجت سعودياً وتسكن بين ظهرانينا وتتحدث وتتصرف وكأنها ولدت في بساتين القصيم تصنف ضمن المتآمرين، فهذا شيء آخر. كما أنني أوضح لكم بأنني لست متمردة بل أنا من فئة "سويكت بن راضي" تلك الشخصية التي أبدعها صناع البرنامج الناجح "مسامير". و أجندتي بسيطة تبدأ بالتفكير في العيش الكريم إلى محاولة تطبيق الفكرة إلى الواقع في خلق بيئة أو دائرة صغيرة تحيط بي توفر لي راحة البال وكرم المعيشة. و لا أظن أن أحداً منا لا يفكر نفس التفكير. أتمنى كثيراً أن تختفي لهجة العنصرية والطائفية والتخوين واحتكار الوطنية التي تفرق ولا تجمع، أحلم بأن أضع يدي في يد كل من حولي و أنظر للغد بابتسامة أمل. ولا أريد أن اطالع في وجه ابنة أخي ذات الستة أعوام وأخاف عليها من مستقبل ليس له ملامح، بل أتمنى أن أنظر لها وأنا متأكدة أن أيامها التي ستأتي ستكون أفضل من أيامي بمراحل. من بنود الأجندة: أن تختفي كلمة الواسطة والتباهي بها، وأنا لا أسمع جملة "أنت عارف أنا مين" او "أنت ما تدري أنا أعرف مين"، و أن أجد من يحترم الطابور ويخدمني لأنني وقفت في الطابور لا لأنني أعرف ذلك الجالس خلف المكتب. وأن يبتسم في وجهي مدير مكتب سكرتير سعادته وقهوجي سعادته ولا يتجاهلوني لأنني مراجع بسيط. و أتمنى أيضا أن لا أضطر للمشي للقمر والعودة على نقالة كي أحصل على توقيع او أمرر معاملة تأخرت سنيناً، لأن الموظف لا يريد أن يعمل ولأن المسؤول مشغول بمتابعة صورته في الجرائد. اتمنى أن يفهم كل مسؤول أزور دائرته أو قسمه مرغمة ومعي ملف أو أوراق بأنني صاحبة حق ولست طالبة حاجة. أحد بنود الأجندة هو أن اجد مستشفياتنا تعمل بطاقتها تتناسب مع ما ضخ فيها من أموال، وأن تختفي قوائم الانتظار وأن لا يتعب المواطن البسيط في سبيل الحصول على سرير. والبند الآخر هو أن يكون تعليمنا يُعنى بالكيف كما يُعنى بالكم، وأن تختفي صور المباني المستأجرة بصفوفها ومكيفاتها وحماماتها التي لا تصلح أحيانا للاستهلاك الآدمي. ومن بنود أجندتي؛ أن يفعل النظام الذي يكافئ المنتج ويعاقب المسيء، أن لا تصبح مؤسساتنا أسيرة لبيروقراطية تعطل الإنتاج وتقتل كل تغيير أو تجديد أو إبداع. كما أتمنى أن تختفي البطالة الحقيقية ويتم القضاء على البطالة المقنعة التي نتجت عن المحسوبيات. ومن بنود أجندتي؛ أن يجرم الاعتداء الجسدي العنيف على كل قاصر وكل امرأة، وأن تطبق أقسى الأحكام بحق من ينتهك عرض طفل أو طفلة. أتمنى أن لا تساوم امرأة على أولادها من قبل رجل يستغفل النظام ويتلاعب على القضاء، وأتمنى أن تصبح النفقة حقا وقانونا لا فضلا تجتره المرأة من رجل كان يسمى زوجا، وأن لا تعلق النساء سنوات وسنوات لمجرد أن الرجل يرفض أن يطلق انتقاما أو حبا في الانتقام. ومن بنود أجندتي: أن يصبح للمعاق دوره الواضح المدموج في المجتمع، وأن يجد الرعاية والبيئة التي تساعده على التنقل والتمازج، وأن تختفي نبرة الدهشة الإعلامية تجاهه. ومن بنود أجندتي أن لا يكلف مشروع أربعة أضعاف قيمته الحقيقة، وأن تختفي مقاولات الباطن التجارية والإنشائية وحتى العلمية. ومن بنود أجندتي أن اجد مطاراتنا بمستوى مطارات دول مجاورة في الأداء والنظافة وتوفر وسائل الراحة. وأن يعود ناقلنا الوطني لفترة ازدهاره السابقة. كثيرة هي بنود أجندتي الخفية! ما هي بنود أجندتكم؟