دفعت الهيئة السعودية للتخصصات الصحية بخمس مائة و ثمانية وستين طبيبا وطبيبة من أبناء وبنات هذا الوطن الغالي إلى معترك الحياة الطبية بتخصصاتها المختلفة بعدما أمضوا سنوات عدة وهم ينهلون من منابع العلم ويكدحون في ميادين العمل والخبرة حتى حصلوا على شهادة الاختصاص الطبية وأصبحوا على قدر عال من التأهيل والكفاية لتحمل مسؤولية العناية بالصحة أغلى ما يمتلكه الإنسان في حياته. ويسرني أصالة عن نفسي ونيابة عن أعضاء المجلس العلمي للطب الباطني بالهيئة السعودية للتخصصات الصحية أن أتقدم بعظيم الشكر وجميل الامتنان لمقام خادم الحرمين الشريفين، على تفضله بالرعاية الكريمة لهذه المناسبة السعيدة والتي يرى فيها - أيده الله - الثمار اليافعة لغرسه المبارك من البنين والبنات في الميدان الطبي. كما يسعدني أن أتقدم في هذه المناسبة السعيدة بتهاني القلبية، وتبريكاتي المخلصة للزملاء والزميلات خريجي هذه السنة وأقول لهم: بارك الله فيكم، وهنيئًا للوطن بكم، وهنيئًا لأسركم وذويكم.. ادعو كذلك إخواني الخريجين والخريجات إلى أن يكونوا على مستوى المسؤولية الجسيمة المناطة بهم فهم يحملون رسالة سامية ويقومون بعمل عظيم لأنهم مؤتمنون على صحة الناس وأسرارهم، فأدعوهم إلى تذكر ذلك في كل حين، وقد جعلوا مخافة الله نصب أعينهم، حريصين على أن يواصلوا العمل ويضاعفوا المهمة لكي يردوا لهذا الوطن العزيز المعطاء بعض ما قدمه لهم. وأود أن أشير إلى أن خريجي برامج تدريب الطب الباطني يشكلون النسبة العليا من أعداد الخريجين هذه السنة، وكل سنة... كيف لا؟ وتخصص الطب الباطني هو أكبر تخصصات الهيئة السعودية للتخصصات الصحية، فالمجلس العلمي للطب الباطني يشرف على تدريب ما يقارب الثمانمائة متدرب، في خمسة وثلاثين مركزًا تدريبيًا، وهذه المراكز منتشرة في كل أنحاء مملكتنا الغالية... كما أن من التحديات التي تواجه المجلس العلمي للطب الباطني، تحد لا يستهان به، هذا التحدي هو توفير مقاعد للتدريب في المراكز الطبية المعترف بها، إذ أن عملية الاعتراف بالمراكز، تتم عبر لجنة الاعتراف بالمجلس، وبعد دراسة وافية لإمكانات المركز، وزيارته من قبل أعضاء اللجنة، يتم بعدها أخذ القرار بصلاحية المركز المرشح للتدريب من عدمها... ومع زيادة أعداد خريجي كليات الطب العديدة حاليًا في المملكة أصبح هناك نوع من عدم التناسب بين أعداد الخريجين وعدد مقاعد التدريب... ويسعى المجلس العلمي في سبيل مواجهة هذا التحدي إلى تشجيع المراكز الطبية على تحسين أدائها وتطوير قدراتها لنيل الاعتراف بها كمراكز تدريبية الأمر الذي يؤدي في النهاية إلى تحسين الخدمة الطبية المقدمة... التحدي الثاني هو مشكلة التباين في التدريب بين المراكز وخصوصًا بين تلك الواقعة خارج المدن الكبيرة والمدن الأصغر منها، ويتم تحسين أداء تلك المراكز من خلال الزيارات المتكررة لها وبواسطة لجنة أنشأها المجلس العلمي للطب الباطني سميت بلجنة المتابعة والتطوير للاطمئنان على التزام تلك المراكز بمعايير التدريب... تجدر الاشارة إلى أن المجلس العلمي للطب الباطني قام بتطوير استمارة تقييم الأطباء لتتماشى مع التطورات العالمية في هذا المجال... كما قام المجلس بتصميم إطار جديد لمهام المشرف على التدريب في كل مركز من المراكز التدريبية بكافة التخصصات الموجودة بالهيئة. ويشكل البحث العلمي ركيزة أساس في برامج التدريب للطب الباطني نظرًا لأهميته الكبرى في الرفع من مستوى الطبيب... وتهيئة الطبيب وتدريبه المركز ليكون قادرًا على الاكتشاف والابتكار. و من أهم إنجازات المجلس العلمي للطب الباطني إقامة يوم البحث للطبيب المقيم في كل سنة. بقي في جعبتي كلمتان: الكلمة الأولى أوجهها لنفسي ولإخواني في المجلس العلمي للطب الباطني و أعضاء لجان التدريب المحلية بكافة المناطق أقول فيها: إن طريق التطوير للأفضل لا تنتهي أبدًا.... وإن سعينا الحثيث للرقي ببرامج التدريب في الطب الباطني سيستمر. والكلمة الثانية، أوجهها لخريجي وخريجات هذه السنة ، أقول فيها: إن الاعتماد على النفس وإتقان العمل والإخلاص في أدائه ركائز أساسية قامت عليها نهضة الأممالغربية الحديثة وتقدمها في ميدان السبق العلمي والحضاري... وأحسب بل أجزم أن هذه الركائز أخذوها من تراثنا الإسلامي، فيا أيها الخريجون والخريجات ليعتمد كل واحد منكم على نفسه... وليتقن عمله وهو يسعى في خدمة الناس ومساعدتهم وتقديم المشورة الطبية لهم... * رئيس المجلس العلمي للطب الباطني