زحفت قوات المعارضة الليبية المسلحة في عمق المناطق التي تسيطر عليها القوات الحكومية منطلقة من قاعدتها في منطقة الجبل الغربي حيث سيطرت على قريتين كانت قوات الزعيم الليبي معمر القذافي تستخدمهما لقصف بلدات تسيطر عليها المعارضة. لكن مقاتلي المعارضة ما زالوا بعيدين عن العاصمة طرابلس معقل القذافي بينما نجح رفاقهم في مصراتة وفي شرق ليبيا من صد القوات الحكومية الافضل تسليحا. وبينما تقدمت قوات المعارضة المسلحة الى مسافة نحو 150 كيلومترا جنوب غربي طرابلس الاربعاء ابلغ البيت الابيض الكونغرس ان الرئيس الامريكي باراك اوباما يملك السلطة القانونية للمضي قدما في مشاركة القوات الامريكية في العمليات العسكرية في ليبيا. وبدأ ظهور خلافات بين الحلفاء الغربيين الذين يحاولون اسقاط الزعيم الليبي. وكان وزير الدفاع الامريكي روبرت غيتس قد انتقد الحلفاء الاوربيين الاسبوع الماضي لعدم دعمهم للحملة التي تولى حلف شمال الاطلسي امرها في نهاية مارس/ اذار الماضي. ودعا نواب الكونغرس المتشككون لعدم ارسال "رسائل مختلطة" بشأن الالتزام بالحملة الجوية التي يشنها حلف شمال الاطلسي والتي ساعدت المعارضة المسلحة في ليبيا على التقدم غربا من معلقها في بنغازي في الشرق. وقال متحدث باسم المعارضة يدعى عبد الرحمن في بلدة الزنتان لرويترز "الثوار يسيطرون الآن على زاوية البابور والعوينية بعد ان انسحبت القوات الموالية للقذافي هذا الصباح من القريتين." وتشهد بلدة غريان التي تسيطر عليها قوات القذافي وتمثل بوابة طرابلس للمنطقة الجبلية توترا خفيا مع اقتراب خط الجبهة من العاصمة. واصطحب مسؤولون من الحكومة الليبية مجموعة من الصحفيين الى بلدة غريان الواقعة على مسافة 120 كيلومترا تقريبا جنوب غربي طرابلس ونحو 20 كيلومترا الى الشرق من ككلة التي استولت عليها المعارضة المسلحة من قوات القذافي يوم الثلاثاء. ورغم أن الامور بدت على طبيعتها على السطح في غريان شوهدت رسومات وعبارات انتقاد حديثة كتبت على الجدارن الاربعاء. وبدا زجاج نوافذ احدى المباني الحكومية مهشما واصابات طلقات رصاص فيما يبدو لافتة مبنى اخر. ورغم تردد الكثير من الباعة والاهالي بالشارع في الحديث للصحفيين قال صاحب احد المحال التجارية إن الهدوء الذي تشهده المنطقة في النهار تحول الى قتال اثناء الليل. وأضاف صاحب المتجر الذي قدم نفسه لرويترز باسم احمد "ثلثا سكان البلدة مؤيدون للثوار." أما من تجرأ وتحدث أمام المسؤولين فكان من مؤيدي القذافي بقوة. وقال رجل يدعى يونس بالفرنسية ان الرئيس الفرنسي نيكولا "ساركوزي غبي. دخل هذه الحرب من أجل النفط" والذي يعتبره انصار القذافي السبب الرئيسي وراء قصف حلف شمال الاطلسي لبلادهم. وأضاف يونس "هذا استعمار من جديد". ولم ينجح حلف شمال الاطلسي الذي تشن طائراته غارات متواصلة على البنية العسكرية للقذافي وعلى مراكز القيادة والسيطرة الخاصة به في اسقاطه. وسمع دوي سلسلة انفجارات شديدة من مجمع باب العزيزية حيث مقر القذافي بوسط طرابلس في ساعة مبكرة امس وتصاعد الدخان. وقال سفير روسيا لدى حلف شمال الاطلسي الاربعاء خلال مؤتمر صحفي اثناء زيارته للندن "نلاحظ ان حلف شمال الاطلسي ينزلق وينجر أكثر فأكثر إلى عملية برية في ليبيا." والعلاقات داخل الحلف متوترة حيث يرفض البعض التعهد بتقديم موارد إضافية. ويعكس التوتر بين اوباما والكونغرس بخصوص الصراع في ليبيا عدم رضاء بعض المشرعين عن دخول الولاياتالمتحدة حربا ثالثة في العالم الاسلامي بعد حربي العراق وافغانستان وهم يضغطون عليه من اجل توضيح الاهداف الامريكية في ليبيا. وكشف تقرير للبيت الأبيض إلى الكونغرس أذيع يوم الأربعاء ان تكلفة العمليات العسكرية والمساعدات الإنسانية الامريكية في ليبيا بلغت 716 مليون دولار حتى الثالث من يونيو/ حزيران ومن المتوقع أن تصل إلى 1.1 مليار دولار بحلول 30 من سبتمبر/ أيلول. وقال جاي كارني المتحدث باسم البيت الابيض للصحفيين في وقت سابق "نحن نعتقد ان من المهم الا يرسل الكونغرس رسائل مختلطة بشأن هدف نعتقد ان اغلب اعضاء الكونغرس متفقون عليه." وأكد رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون بعد اجتماع مع الأمين العام لحلف شمال الأطلسي أندرس فو راسموسن على ان وقت رحيل القذافي قد اقترب وان الحلف عاقد العزم على الاطاحة به. وقال "اعتقد ان نمطا واضحا يظهر وهو ان الوقت في صالحنا لأننا نملك دعم حلف شمال الاطلسي والامم المتحدة والجامعة العربية وعدد كبير من الدول في تحالفنا وفي مجموعة الاتصال الخاصة بنا." وكرر راسموسن وجهة النظر هذه على الرغم من اثارة الجنرال ستيفان ابريال القائد الرفيع في الحلف للتساؤلات بشأن قدرة الحلف على التعامل مع تدخل طويل المدى. وقال راسموسن "الحلفاء والشركاء ملتزمون بتوفير الموارد وكل ما هو ضروري من اجل مواصلة هذه العملية والوصول بها إلى نتيجة ناجحة." وقال سعد جبار وهو مستشار قانوني سابق للحكومة الليبية لرويترز إن القذافي سيستمر في الرهان على عنصر الزمن والسعي لإضعاف معنويات التحالف وإثارة الفرقة في صفوفه. وتابع قائل:ا إن طريقة تفكير القذافي تقول إنه مادام أعداؤه لم ينتصروا فإنه لم يخسر. في الشأن ذاته كشف دبلوماسيون ان جنوب افريقيا قررت الاربعاء اتهام حلف شمال الاطلسي باستهداف الزعيم الليبي معمر القذافي عمدا لكنها تراجعت عن ذلك في خطابها في مجلس الامن الدولي. وكانت نسخة مكتوبة من الخطاب وزعت على الصحافيين قبل ان تلقيه وزيرة خارجية جنوب افريقيا مايتي نكوانا ماشاباني في جلسة مغلقة في مجلس الامن. وحسب نص الخطاب، تقول وزيرة الخارجية ان ضربات الحلف الاطلسي في ليبيا تعرقل جهود الاتفاق على قرار بشأن سوريا. لكن دبلوماسيين استمعوا الى الخطاب قالوا لفرانس برس ان وزيرة خارجية جنوب افريقيا القت كلمة لا علاقة لها بالنسخة المكتوبة التي وزعت، موضحين انها لم توجه اي انتقادات للحلف. واوضحوا ان جنوب افريقيا، طالبت على غرار الاتحاد الافريقي، بمزيد من الجهود للتوصل الى وقف لاطلاق النار بين القوات الحكومية والمتمردين. وكانت جنوب افريقيا العضو غير الدائم في مجلس الامن صوتت في آذار/مارس مع القرار 1973 الذي سمح بالعمليات العسكرية في ليبيا لحماية المدنيين وتوضح وزيرة الخارجية في الخطاب الذي وزع ان "نيتنا لم تكن اطلاقا تغييرا في النظام او استهداف اشخاص كما هو الحال مع العقيد القذافي". وتضيف ان "هذا الامر واضح مع الاستهداف المنهجي لمقر اقامته والذي ادى الى مقتل احد ابنائه وحفيد له في الاسابيع الماضية". وفي خطابها تؤكد نكوانا ماشاباني اتهامات وجهها هذا الاسبوع رئيس جنوب افريقيا جاكوب زوما الذي قال ان الحلف الاطلسي يتجاوز تفويضه. وقالت "نأمل ان يسمع الذين يعدون القرار هذه الرسالة والا فيمكن ان يواجهوا شللا في مجلس الامن"، ملمحة الى جهود الاوروبيين للحصول على ادانة لسوريا في مجلس الامن الدولي لقمعها الاحتجاجات المناهضة للنظام.