يرى الدكتور حمزة بن قبلان المزيني في مقدمة كتاب" هل يستطيع الآسيويون أن يفكِّروا؟" إن للأستاذ الجامعي السنغافوري كيشور محبوباني الذي شغل مناصب سياسية بارزة في حكومة سنغافورة لسنين طويلة، رسالة يود إيصالها إلى الآسيويين عموما ومنهم العرب والمسلمون،عبر كتابه، وإن كان مجمل حديثه موجَّها إلى شرق آسيا وجنوبها. وتتلخص هذه الرسالة في أنه حان الوقت لآسيا أن تقوم بالدور الذي قام به الغرب طوال القرون الخمسة الماضية في قيادة التقدم العالمي علميا وصناعيا. ويتضمن الكتاب أمثلة تبرهن على أن آسيا يمكن أن تقوم بهذا الدور إذا ما حققت بعض الشروط اللازمة. ومن أهم هذه الأمثلة اليابانوسنغافورة وماليزيا وكوريا الجنوبية وتايوان والصين والهند. ويمكن توجيه السؤال نفسه بصيغ أخرى، كما اقترح المؤلف، أي: "هل يستطيع العرب أن يفكروا؟"، خاصة أنه لم تستطع دولة واحدة من دولهم تحقيق شيء قريب مما حققه الغرب من حيث التقدم العلمي والصناعي. كما يمكن توجيهه للمسلمين الذين لم تحقق إلا دولة واحدة هي ماليزيا مثل ذلك الإنجاز. ذلك كله مع أن الحضارة العربية الإسلامية، كما يشير المؤلف، كانت قبل قرون خمسة متقدمة كثيرا على الغرب. ويرى المزيني أن كتاب محبوباني ينطوي على جملة من التحليلات والنصائح المهمة التي ينبغي أن يتأملها الآسيويون، ومنهم العرب على وجه الخصوص. ومن أهم ذلك ما لحظه عن الإلحاح الغربي في الدعوة لتحقيق "الديموقراطية" في بلدان آسيا. ويبين المؤلف في ثنايا نقاشه لكثير من القضايا أنه ليس خصما للغرب ولا لأمريكا على وجه التحديد. ذلك أن هدفه تنبيه الغرب إلى المشكلات التي يخلقها لنفسه وللآخرين بسبب تعاليه وعدم التزامه بالقيم الديموقراطية التي يدعو الأمم الأخرى لاعتناقها. وهو يبرهن على هذا التعالي الغربي من خلال سيطرة الولاياتالمتحدة على مجلس الأمن الذي يمنع الأممالمتحدة من أداء وظائفها في حقظ الأمن والسلام العالميين كما ينص ميثاقها. ويتألف الكتاب، كما بيَّن المؤلف في المقدمة، من مقالات كتبها على فترات متعددة. وهذا ما يفسِّر عدم انتظامها في فصول. ومن لوازم هذا التباعد التاريخي لكتابة المقالات ما أشار إليه المؤلف نفسه من ارتباط بعض المعلومات بالزمن الذي كتبتْ فيه. وهذا ما يُسهم في تقادمها. لكنه يشير كذلك إلى أن المهم ليس تلك المعلومات بنفسها بل التحليلات المصاحبة لها. الكتاب صدر عن المركز القومي للترجمة، القاهرة، 2010م،ويقع في 297 صفحة.