يقول الزعيم البريطاني ونستون تشرشل ان المتشائم يرى الصعوبة في كل فرصة وان المتفائل يرى الفرص في كل صعوبة ! تذكرت هذه المقولة وأنا أتصفح احد التقارير الدولية الذي أعده مصرف HSBC ويجيب فيه على سؤال كيف ستكون عليه صورة العالم اقتصاديا في العام 2050م ؟ -إن مدّ الله في أعمارنا - واستند التقرير على إحصاءات ومقارنات بين الأعوام 1970م و 2010م و 2050م والملاحظ ان المدى الزمني بين هذه الفترات هو اربعون عاما وهي معامل عادل يقيس التغيرات بعد اربعة عقود من الزمن وكما ذكر في التقرير ان هذه التنبؤات لم تعتمد على توقعات فلكية وتخمينات علماء الفلك وحركة النجوم والكواكب التي غالباً ما تخطئ الهدف وإنما على حسابات رقمية معقدة ومعادلات تقلل من نسبة الخطأ .ماذا قال هذا التقرير اذاً؟ لم يتوقع التقرير تغيرات كبرى في محيط السيطرة الاقتصادية بعد اربعين سنة ولم تدل المعادلات على بوادر سحب البساط من الغرب في الهيمنة على الاقتصاد الدولي حيث سيبقى في الصدارة ودول الشرق ستتقدم نسبيا بفعل التقدم في الاقتصاد الصيني والهندي بينما تأخذ دول توقعها التقرير مثل البرازيل والمكسيك ادوارا متقدمة في الاقتصاد العالمي في الفترة القادمة ، وبتفصيل اكثر توقع التقرير المراكز العشرة الاولى على الترتيب لكل من الصين اولا ثم الولاياتالمتحدة ثم الهند ثم اليابان فبريطانيا والمانيا والبرازيل والمكسيك وفرنسا وكندا في المركز العاشر ، هذا الترتيب لم يكن عشوائيا انما بني على حقائق ثابتة من انتاج البشر ودور السلطات وتطوير الاقتصاد وتنظيم القطاعات وتأهيل الموارد البشرية ، بالاضافة الى عوامل اخرى في النمو السكاني والثروات والتعليم وغيرها التي اعتبرها التقرير عناصر التنمية التي تحقق التقدم المطلوب، ذكر التقرير ان المفاجأة العربية ستكون لمصر التي ستقفز حسب نتائج التقرير الى المرتبة 19 سابقة ماليزيا! ولا ندري هل هذه التوقعات للتقرير اخذت في الحسبان الاحداث والتغييرات التي مرت بها المنطقة وانعكست على نتائج التطورات الاقتصادية وتأثيراتها في الفترة المقبلة. بالنسبة للمملكة والتي قال التقرير انها كانت في موقع 28 في عام 1970م تقدمت الى المرتبة 23 في عام 2010م توقع التقرير انها ستواصل تقدمها نظير امكانتها الاقتصادية لتصل الى المرتبة 21 في العام 2050م ، الشاهد في التقرير انه لم يخضع هذه النتائج الى المساحة الجغرافية ولا للثروات الطبيعية في البلدان وانما ركز على تطور القوى العاملة والمنتجة في هذا التقدم والاختراعات والاكتشافات والثقافة وغيرها ، ولم يغفل التقرير شريطة استمرار الاستقرار السياسي العالمي وعدم وجود حالات طارئة يكون لها دور في اعادة هيكلة صورة العالم المتوقعة في عام 2050م ، من جهة اخرى ذكر في تقرير آخر ل ستي بنك توقع ان تصبح المملكة سادس اكبر اقتصاد في العالم واغنى اقتصاد في الشرق الاوسط في عام 2050م ومن هنا نطمئن وبحمد الله في اي من التقريرين اننا متجهون الى تنافسية اقتصادية عالمية سنتبوأ من خلالها اعلى مراكز وتصنيفات عالمية وان كنت ارى ان هذا التفاؤل موجود باذن الله ولكنه سيرتبط كثيرا بقدرتنا على التكيف ان شاء الله مع العالم في التقنية الحديثة والتقدم التكنولوجي والمعلوماتي الذي اظنه سيسيطر على كل اوجه الحياة المدنية وتطورها ورفاهيتها فلا غرابة بعد اليوم ان تكون حياتك بين يديك في عالم الانترنت في التعليم والانتاج والادارة والابداع والابتكار وحتى النمو السكاني والانجاب الذي قد يكون بالانترنت ! والله المستعان. الخاطرة : لا تحيا بدون هدف ولا تحيا بمليون هدف .. فبدون هدف أنت لا تساوي شيئاً.. وبمليون هدف لن تحقق شيئاً.