يمكن للمتخصص القانوني الاستغراب على ضوء القرارات الأخيرة التي أصدرها اتحاد كرة القدم من عدم لجوء الأندية إلى ديوان المظالم بدلا من لجوئها إلى جهات تقاض أخرى، ذلك لان القرار الصادر من الاتحاد يعتبر قرارا إداريا يجوز الطعن ضده من المتضرر أمام الديوان، وإذا كان البعض يستند إلى أن اللوائح التي أصدرتها الرئاسة العامة لرعاية الشباب تمنع الأندية من اللجوء للقضاء، فان ذلك الرأي هو استناد غير سليم ولا يجد أرضية قانونية صلبة تدعمه، ولا يمكن أن يقول به من يحمل مؤهلا علميا في القانون صادرا من جامعة معترف بها، ذلك لان النظام الأساسي للحكم وهو ارفع القوانين السعودية وأعلاها مرتبة قد نص في مادته (49) على أن المحاكم تختص بالفصل في جميع المنازعات والجرائم، وكذلك لم يتضمن (النظام الأساسي للاتحادات الرياضية واللجنة الأولمبية العربية السعودية) التي أصدرت الرئاسة لوائحها استنادا إلى مادته (12) نصا يحظر اللجوء للمحاكم، وهو ما يعني دون شرح مطول أن اللوائح الصادرة استنادا إلى النظام تضمنت حظرا لم يتضمنه النظام الذي أجاز إصدارها، وبالتالي فان ذلك يعتبر خللا وعيبا قانونيا في التشريع. كذلك لا اتفق مع من لا يؤيد اللجوء للتقاضي ورفع الدعاوى في قضايا الإعلام الرياضي التي يكون مصدرها الصحافة أو الإعلام الفضائي المرئي أو المسموع أو الإعلام الالكتروني، بل إن رفع دعوى هو الإجراء القانوني السليم الذي يجب اتباعه، والنصوص هنا وافرة ومتعددة، وهي لا تقتصر فقط على ما ورد في (نظام الإعلام والنشر) ولائحته التنفيذية أو اللائحة التنفيذية لنشاط النشر الإلكتروني، بل تمتد إلى أنظمة أساسية مثل (النظام الأساسي للحكم) الذي نصّ في المادة (39) على أن "تلتزم وسائل الإعلام والنشر وجميع وسائل التعبير بالكلمة الطيبة، وبأنظمة الدولة، وتُسهم في تثقيف الأمة ودعم وحدتِها، ويُحظر ما يؤدي إلى الفتنة، أو الانقسام، أو يمس بأمن الدولة وعلاقاتها العامة، أو يُسيء إلى كرامة الإنسان وحقوقه، وتبين الأنظمة كيفية ذلك"، كما نصت المادة (3) من (نظام مكافحة جرائم المعلوماتية) في فقرتها (الخامسة) على أن "يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تزيد على خمسمائة ألف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين؛ كل شخص يرتكب جريمة "التشهير بالآخرين، وإلحاق الضرر بهم، عبر وسائل تقنيات المعلومات المختلفة". النقد المباح هو إبداء الرأي في أمر أو عمل دون مساس بصاحب الأمر أو العمل بغية الحط من كرامته، فإذا تجاوز النقد هذا الحد وجبت المساءلة باعتباره مكوناً لفعل إهانة أو سب أو قذف حسب الأحوال، والنقد لكي يكون مباحا يجب أن يكون بناء، والنقد البناء هو النقد الموضوعي الذي لا يهدف إلى مجرد التجريح واختزال الموضوع في (الشخصنة)، والكل يستطيع أن يكتب ما يريد وليس هناك حجر على الآراء، غير أن اتجاه الكتابة ذلك الذي يبتعد عن أخلاقيات المهنة وأمانة الكلمة، والذي يحاول استغفال القارئ أو عدم إعطائه المعلومة الصحيحة أو يتعرض أو يمس بالسمعة أو الكرامة أو التجريح تجاه الآخر، يجب أن يسقط في مواجهة قارئ جديد متطور يتجاوز وعيه وعي الكاتب من هذه النوعية، واختم بالقول إن حرية الرأي وحق النقد ليس حقا مطلقا من كل قيد، وإنما هو أمر مقيد ببعض القيود اللازمة لانتظام الحياة الاجتماعية، وبقيود تنظيمية تضمن تمتع الكافة بحرياتهم، بحيث تنتهي حرية الفرد عند حدود حرية الآخرين.