إذا كان حاصلاً كل ما نشرته جريدة «الرياض» على صفحتها الأخيرة في العدد الصادر يوم الخميس 23/6/1432ه من قيام بعض الرجال (المنتسبين) لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالدخول إلى (معرض الرياض الدولي للسفر 2011) واخراجهم لامرأة تعمل ضمن فريق السياحة الألمانية طالبين منها أن تغير عباءتها الموشاة بخط أحمر وأن لا تتحدث مع زوار المعرض، ومتابعة خروجها حتى ركوب سيارة الأجرة وهي في حالة بكاء وخوف - فإن قارئ الخبر المسلم لا يسعه إلا أن يلم رأسه ويردد (لا حول ولا قوة إلا بالله) أنا - شخصياً - كنت اقرأ الخبر وشعور بالخجل والغيظ يحتقن في داخلي. لم أصدق ان رجال الهيئة (الرسميين) يفعلون ذلك وأيقنت أنهم من أولئك المتشددين المجتهدين الغلاة الذين يسيرهم اندفاعهم العاطفي الخالي من الحكمة إلى فرض منطقهم على مثل هذه المعارض والفعاليات المفتوحة رغم أنف الدولة التي هي نفسها أقامت (أو أجازت) تلك المعارض. تذكرت حادثة مشابهة حصلت قبل سنتين أو ثلاث في مناسبة أقامتها الغرفة التجارية الصناعية في جدة. وتذكرت حادثة المرأة التي جلست مع زميلها في العمل في مقهى عام بالرياض قبل بضع سنوات (نشرتها جريدة الوطن في حينه) وجاء أفراد من الهيئة وجرجروا المرأة إلى سيارتهم وحبسوها بعض الوقت ولم يسمحوا لها بالاتصال بولي أمرها. وأيضاً فإن هذه الحوادث وأمثالها - سواء كان أبطالها رسميين أو متطوعين - يسيرها الاندفاع العاطفي المبني على سوء الفهم وسوء الظن. فيا أيها المتشددون المغالون في تشددهم. لاشك ان ما يدفعكم إلى مثل هذه التصرفات فهم خاطئ واحتقان عاطفي وتبررونها بأنها غيرة على الدين - مع أنها تسيء إلى الدين الحنيف وأنتم تدركون أن من شعائر هذا الدين أن لارهبانية في الإسلام فإن من أهم عناصر التعريف بالدين الإسلامي العمل على استمالة أصحاب الثقافات أو الديانات الأخرى بحسن الخلق وعدم تنفيرهم بالتصرفات الرعناء. وهي أيضاً تسيء إلى الدولة حين تمارسون سلطة ليست من حقكم. وهي كذلك تسيء إلى أفراد المجتمع حين لا يشعرون بالطمأنينة في مناسبات عامة. فهل أنتم تتعمدون الإساءة للدين؟ بالتأكيد لا. أم تتعمدون الإساءة للدولة؟ بالتأكيد لا. أم تتعمدون أذية أفراد المجتمع؟ بالتأكيد لا. كل ما في الأمر انكم عبرتم عن غيرتكم على الدين بأسلوب خاطئ يؤدي إلى عكس المقصود. فمن أجل هذا الدين ومن أجل سمعة هذا الوطن ومن أجل احترام كرامة الأشخاص (مواطنين ووافدين) توكلوا على الله وأودعوا ثقتكم في الجهات الشرعية الرسمية التي تحمي حوزة الدين والوطن والتي توالي حكومة هذا البلد وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - دعمها وتقويتها - وليست الأوامر الملكية الأخيرة عنا ببعيد. ولا أحد يريد أن يمنعكم من الاجتهاد ولكن في حدود التفاهم المؤدب مع المسئولين والموعظة الحسنة فالدين المعاملة. ويا أيها المنظمون للمعارض والفعاليات العامة: أليست هناك حراسة أمنية تراقب الداخل والخارج؟ لماذا لا تضعون حراسة سرية تتجول دون لفت الأنظار وتقوم بالتدخل أو ابلاغ الحراسة عند ملاحظة أي تصرفات مشبوهة؟ ولا يفوتني في الختام أن أشكر جريدة «الرياض» على نشرها الخبر، فهي إنما تريد تنبيه المسئولين.