شهدت العاصمة العمانية مسقط على مدى الأسبوع الجاري تظاهرة ثقافية فكرية تمثلت في فعاليات ندوة «القيم العمانية ودور المواطن في التنمية» شارك فيها عدد من أبرز المفكرين والمثقفين والأكاديميين العرب. وكانت الندوة التي احتضنتها جامعة السلطان قابوس على مدى ثلاثة أيام قد حفلت بعدد من أوراق العمل الهامة تجاوزت الاحدى وعشرين ورقة عمل بالاضافة الى عدد من الجلسات الحوارية التلفزيونية أقيمت على هامش الندوة. «ندوة القيم العمانية» جاءت بتنظيم من وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بسلطنة عمان وتحت رعاية معالي الشيخ عبدالله بن علي القتبي , مستشار الدولة وبحضور معالي وزير الأوقاف والشؤون الدينية الشيخ عبدالله بن محمد السالمي. وهدفت الندوة الى التأكيد على القيم التي تميز المجتمع العماني خاصة والمجتمع العربي بشكل عام ولفت الانتباه الى الأهمية القصوى لقيم وثوابت المجتمع خصوصا في هذه الفترة المفصلية التي تتعاقب عليها متغيرات عدة ليس آخرها التكنولوجيا التي أدت الى انفتاح معرفي يحمل الايجابي والسلبي. كما هدفت الندوة الى تأصيل وتعزيز معاني الهوية والثقافة وترسيخ قيم المواطن الصالح في المجتمع انطلاقا من الدور التوعوي الذي تضلع به وزارة الأوقاف والشؤون الدينية. وقد حضيت الندوة بإقبال متميز من قبل وسائل الاعلام كما والجمهور العماني , وجاءت التوصيات في الحفل الختامي لتؤكد نجاح هذه الندوة في ايصال الرسالة للجمهور المعني خصوصا وأن أوراق العمل كانت حافلة بمعلومات ثرية قدمها المحاضرون باقتدار. وتناولت اوراق العمل في اليوم الاول الدعوة والمفهوم الأخلاقي في القرآن والسنة والقيم واخلاق الشباب فيما جاءت اوراق العمل لليوم الثاني لتناقش موضوعات متخصصة في جوانب الأخلاق والمواثيق والدين والتقاليد. وناقش المحاضرون في اليوم الثالث أثر القدوة على السلوك ومصادر الأخلاق الفردية والجماعية. وفي نهاية الندوة خرج المشاركون بعدد من التوصيات ، وجاء البيان الختامي مشددا على أن القيم هي الأساس الذي يحفظ للمجتمعات تلاحمها وانسجامها وتحفظ انضباط الفرد في تعامله مع مجتمعه وأمته ، وفي تعامل المجتمعات مع بعضها بعضا، لذلك ظل التزام الأمم والشعوب بالقيم معياراً لمدى تحضرها ورقيها ، وجاء في البيان أيضا «وقد كان للقيم العُمانية ولا يزال الأثر الكبير في تنمية هذه البلاد ، ومن هنا جاءت «ندوة القيم العُمانية ودور المواطن في التنمية» تأصيلاً للقيم الرفيعة وتذكيراً بأهمية الحفاظ على القيم المستمدة من روح الشريعة السمحة، وبيان أثرها في ترسيخ المواطنة الصالحة ودعم التنمية والرقي من منطلق الحرص على ربط الحاضر بالماضي والحفاظ على الهوية والمنظومة الثقافية للمجتمع العُماني». وقد أوصى المحاضرون بضرورة اعتماد البناء الخلقي على الدين وتراث الأمة الفكري مع انفتاحه على العالَم الخارجي في إيجابياته المعرفية. كذلك ضرورة الحفاظ على المفاهيم الخلقية وتفعيلها في مجالات الدين والتعليم والإعلام ، (والتعاون بين المؤسسات المعنية بذلك في شتى المجالات). وأيضاً ضرورة الإعلاء للقيم التنموية الضرورية ، ومن بينها قيم الكفاءة والمشاركة الفعالة (في الحياة العامة وخدمة المجتمع وتقدير قيم العطاء والبذل والعمل التطوعي، وذلك من خلال الإشادة بالشباب المحافظ على هذه القيم وتكريمهم تشجيعاً لغيرهم على الاقتداء بهم). وزيادة الاهتمام بالشباب وطموحه وربط ذلك بالتطورات الاقتصادية والاجتماعية تعميقاً لعناصر الانتماء. وأكد المحاضرون على ضرورة إبراز الجهود التنموية التي قامت بها سلطنة عمان مع ربطها بمستقبل الشباب ، والعمل على تضمين المناهج الدراسية والبرامج الدعوية والخطب ما تحمله الحضارة الإسلامية من قيم إيجابية ، وربط ذلك بما يحدث في العالم المعاصر. كما أكدوا ضرورة إطلاق برامج وطنية وتأسيس جمعيات تُعنى بتعزيز القيم والأخلاق وتنمية الشعور بالمواطنة والحد من المظاهر السلبية المنافية لذلك. وإبراز القيم العُمانية خارج الوطن وإعطاء الصورة الحضارية الجميلة لعُمان ، وتطوير الدراسات المتعلقة بقيم مجتمع المعرفة التقنية ، وإيجاد طرق التواصل مع الوسائل الإلكترونية الحديثة من أجل تعميم ثقافة قيمية ملتزمة بقواعد المجتمع العُماني ومنظومته الدينية والخلقية. ومن توصيات الندوة جعلُ أخلاقيات المهنة والعمل جزءاً أساسياً من برامج التعليم في الجامعات والمعاهد والكليات ومؤسسات التأهيل والتدريب للتأكيد على قيم إتقان العمل وجودته ، والبُعد عن الشكلية ورداءة المستوى ، وترسيخ قيم العدل والنزاهة والرقابة الذاتية. كذلك ترسيخ قيم المحافظة على ثروات الوطن ومكتسباته والمحافظة على المال العام والاقتصاد في الاستهلاك وحُسن التدبير ووضع المال في موضعه الصحيح. وتأصيلُ قيم الانتماء والمواطنة في الملتقيات الثقافية الصيفية الرسمية والمعتمدة في مختلف مناطق السلطنة بما يُحقق التوعية لتطبيق هذه القيم في واقعنا المعيش.