أدرك جيداً أن كثيرين اليوم سيسلون سكاكين نقدهم لينحروا بها الأمين العام المقال فيصل العبدالهادي، وأعلم تماماً أن ثمة من سيقف على مسرح الأحداث ليفرد عضلاته في وجه الرجل، ويقيني في ذلك لكوننا تعودنا من أمثال هؤلاء الحضور في هكذا مواقف على طريقة "كذابي الزفة"، فهم يقتاتون على ردود الأفعال، في حين لا نكاد نسجل لهم أية مواقف في الاتجاه الصحيح، إذ لا يأتي حضورهم إلا حينما يسقط الجمل بما حمل. شخصياً، أربأ بنفسي أن أغوص في مستنقع تشويه سمعة الآخرين، أو أن أنزلق في منحدر تصفية الحسابات، وخصوصاً إزاء من خدم في موقعه، وتشرف فيه بخدمة وطنه، أصاب أو أخطأ، وهكذا ما كان عليه عبدالهادي، فكما كان للرجل من هنّات فقد كانت له حسنات؛ وإذا كان من لومٍ عليه في كثير من الأخطاء التي وقعه فيها، فاللوم أكثر على من تجاوز عنها، وسوّف في اتخاذ القرار المناسب حيالها. أتذكر جيداً أنني كتبت في مطلع العام 2007 مقالة تحت عنوان "لو كنت الأمين" عدّدت فيها المواصفات التي تفتقدها شخصية عبدالهادي، والتي يمكن أن تساعده وتؤهله للعب دور الأمين العام، والتي بسببها ظل مسيجاً بالأخطاء، ومحشوراً في وجه المدفع، وناصحته حينها بحتمية معالجتها، ولأنني كنت على ثقة بصعوبة الأمر لمعرفتي القديمة بالرجل، وفي كل المواقع التي شغلها، فقد دعوته للاعتذار في حال طلب منه تمديد عمله في الاتحاد الذي سيشكل بعد عام، وقد نقل لي انزعاجه مما قلت، وقد حدث ما توقعته إذ بقي في منصبه وبقيت الأخطاء تطارده كقدر لا ينفك عنه. والسؤال الذي يسوق نفسه الآن هل فيصل عبدالهادي هو لب المشكلة في منظومة الاتحاد السعودي؟ بالطبع لا، وسنظلم الرجل مرتين إن ادعينا بأن مشاكل الاتحاد ستحل بإعفائه، لأن المشاكل فيه تبدأ من قمة الهرم في طريقة ونوعية اختيار الأعضاء المعينين، ولا تنتهي عند آلية انتخاب الأعضاء المنتخبين التي ساقت للاتحاد نوعية من الأعضاء الذين شكلوا عليه عبئاً في وقت كان ينتظر منهم أن يكونوا إضافة، ولذلك ظل الاتحاد يدار بطريقة "صفوا صفين"، في ظل بقاء ما يقارب نصف أعضاء الاتحاد مجرد ضيوف شرف عليه. لا أعني بالضرورة أن فيصل عبدالهادي كبش فداء، ولكن ما أعنيه تماماً أن الرجل قد دفع ضريبة فقدانه لكاريزمية الأمين العام وهو ثالث أهم منصب في اتحاد الكرة بشكل عام، والثاني منذ استلام الأمير نواف بن فيصل، كما دفع ضريبة ضعف كوادر اللجان، وعشوائية عملها، بما فيها الأمانة العامة، التي تضطلع بمهمة متابعة عمل الاتحاد من ألفه إلى يائه، والتواصل مع أكثر من 150 نادياً في المملكة، فضلاً عن التعاطي المباشر مع المنظمات القارية والدولية، والأصعب من ذلك كله حتمية التشابك مع مسؤولي الأندية بما يمثل بعضهم من شخصيات اعتبارية أو نافذة، وهنا مكمن الصعوبة بل الخطورة، وبالتالي إن أراد أهل الحل والربط في اتحاد الكرة تصحيح الاعوجاج فليكن شعارهم "فيصل عبدالهادي والحبل على الجرار"!