يقول الله سبحانه وتعالى (( لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ (49) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (50)) [سورة الشورى]. تشير الابحاث الى أنه بين كل (15) حالة زواج هناك حالة واحدة تقريبا لا يرزق فيها الزوجان بأطفال بسبب إحدى مشاكل العقم، حيث يكون الرجل مسؤولا بمفرده عن 25% من هذه الحالات ويشارك في 25% اخرى باسباب مشتركة مع الزوجة. ومن اصعب الحالات المرضية التي قد يصاب بها الرجل وتوجد في حوالي 5-10% من حالات العقم عند الرجال في المجتمعات الغربية ولكنها قد تكون اكثر انتشارا في مجتمعاتنا العربية هو ضمور الخصيتين والذي يؤدي الى انعدام الحيوانات المنوية التام ومن ثم العقم . وقد حدث في السنوات الأخيرة الكثير من الإنجازات الطبية في علاج العقم عند الرجال وأصبح من الممكن علاج أغلب الحالات التي كانت تعتبر ميئوساً منها بفضل الله سبحانة وتعالى. ومن أبرز التقنيات الحديثة: 1- تقنية العلاج الجراحي المجهري: أصبح بالإمكان إجراء معظم العمليات الجراحية المتعلقة بعقم الرجال بالمجهر (الميكروسكوب) مما أدى إلى زيادة فاعلية العملية، وكذلك ساهم في التقليل من المضاعفات الجانبية التي قد تحدث. هنا تجدر الإشارة إلى أن استخدام الميكروسكوب الجراحي يتطلب توافر الخبرة المهنية والتدريب المكثف حتى تتحقق فوائده المرجوة. ومن أمثلة هذه العمليات: - ربط دوالي الحبل المنوي بالميكروسكوب: تعتبر تقنية الميكروسكوب الجراحي أحدث طريقة أدخلت حديثاً لعلاج دوالي الحبل المنوي. ودوالي الحبل المنوي للتذكير تعتبر أكثر عملية تمارس لعلاج العقم الذكوري على مستوى العالم، ومعلوم أن هذه الدوالي قد تكون السبب المباشر في 35% من حالات ضعف القدرة الإنجابية عند الرجال الذين يعانون من عقم أولي وحوالي 70% عند حالات العقم الثانوي. إن ربط الدوالي بطريقة الميكروسكوب أثبتت فعاليتها مقارنة بالطرق التقليدية الأخرى بما فيها الربط بالمنظار، حيث إن معدل رجوع الدوالي (الانتكاسة) في حدود 1% ونسبة المضاعفات فيها أقل من 5%، كما أن الشق الجراحي صغير ويكون في حدود 2 سم. - استخراج الحيوانات المنوية من البربخ أو الخصية بالميكروسكوب micro TESE/ MESA : وتعتبر هذه أحدث عملية للبحث عن الحيوانات المنوية في الحالات التي لم تجد فيها الطرق الأولية في الحصول على حيوانات منوية مثل إعطاء العينة ورشف الخصية بالإبرة أو أخذ خزعة من البربخ أو الخصية. وهي عملية دقيقة تحتاج إلى خبرة عالية وتجري فقط في مراكز العقم المتقدمة في العالم. وتستغرق العملية 2-3 ساعات وتحتاج إلى تخدير عام وتتلخص طريقة هذه العملية بالمسح الدقيق للخصية عن أي منطقة يكون فيها إنتاج للنطف حتى ولو صغيرة وذلك باستخدام جهاز الميكروسكوب الجراحي وهذا يختلف عن أخذ العينة من الخصية عشوائياً لدقتها ولأنها لا تتسبب في أضرار جانبية على أنسجة الخصية على المدى البعيد، وتعتمد نتيجتها على حالة الخصية الانتاجية وتكون في حالات الضمور أو الفشل التام في الخصية ايجابية بنسبة تصل إلى 30%. ويمكن في مثل هذه الحالات الصعبة تجميد الفائض من النطف المستخلصة لفترات طويلة واستخدامها فيما بعد للحقن المجهري. - حالات الترميم للمسالك التناسلية وعلاج انسداد القنوات المنوية بالميكروسكوب: وهذه تعتبر من أصعب العمليات المهجرية، حيث إن قطر القنوات المنوية قد يصل إلى أقل من قطر شعرة الرأس مما يستدعي استخدام خيوط جراحية وأدوات ترميمية غاية في الصغر. هذه العمليات تجرى لحالات الغياب الكامل للحيوانات المنوية من السائل المنوي نتيجة انسداد هذه القنوات بفعل التهابات أو عمليات سابقة في المسالك البولية وغيرها من العمليات التداخلية مثل عمليات إصلاح الفتق الاربي. وتصل نسبة نجاح هذه العمليات في إعادة خروج الحيوانات المنوية في السائل المنوي إذا تمت على يد متخصص في الجراحة المهجرية إلى 80% بعد عون الله وتوفيقه واعتمادا على مكان الانسداد ومدته. 2- تقنية الحقن المجهري للحيوانات المنوية مباشرة ICSI : وتقوم هذه التقنية على حقن الحيوانات المنوية في البويضة مباشرة. ولا بد لها من ناحية الرجل من وجود الحيوانات المنوية المكتملة النمو والتي عادة ما يتم الحصول عليها من الخصية أو البربخ. وعالميا تقدر نسبة نجاح مثل هذه التقنية عند توفر الأجواء المناسبة مثل عمر الزوجة إلى ما يقارب 40-50% وهي النسبة التي ولله الحمد تتم في مراكزنا الطبية المتخصصة في المملكة. 3- حقن الحيامن ذات الرأس المستطيل: الحيامن ذات الرأس المدور أو المستطيل (Spermatid) هي عبارة عن حيوانات منوية في المرحلة الأخيرة لما قبل النمو الكامل. وهذه التقنية رغم نتائجها الضعيفة إلا أنها قد نتجت عن ولادة مواليد باستخدامها خاصة الحيامن المستطيلة وأصبحت تمارس في الكثير من المراكز الطبية. 4- استخدام الخلايا الجذعية Stem cells: من أهم التقنيات التي أضيفت حديثا هو تنمية وزرع الخلايا الجذعية للإنسان ثم تحويلها إلى خلايا متخصصة مثل الكبد أو الكلى أو القلب مما يعني ترميم أعضاء تالفة في جسم الإنسان. هذة التقنية والتي أثبتت نجاحها على مستوى التجارب المخبرية لن يكون بمستغرب أن تساعد في علاج حالات عقم الرجال الذين ليس لديهم حيوانات منوية أو النساء اللاتي ليس لديهن بويضات في المستقبل القريب بحول الله وقوته .