قرأت أقوالا ومواقف وحياة أعداء المرأة فوجدتهم بائسين في حياتهم، لأن من عادى المرأة فقد عادى الحياة .. ووجدت الجامع المشترك بين أعداء المرأة هو موقف مؤلم جدا مرّ بهم معها فعملوا على الانتقام ، العقاد خانته سارة، ونيتشة كذلك، أما الألماني (شوبنهاور) فقد بلغ في عداوة المرأة المنتهي وأظن أنه أستاذ العقاد في هذه العداوة التي لا تضر المرأة ولا تسره، فقد كان شوبنهاور رأس المتشائمين وعدو السرور .. ولعل جذور عداوة هذا الفيلسوف الألماني تعود لعلاقته بأمه، فقد مات أبوه وهو في العاشرة، وورثت منه اموالاً طائلة، وكانت تكتب القصص وتريد أن تكون أديبة، فتحت صالونها للأدباء والنقاد والصحفيين في بيت زوجها الراحل وأغدقت عليهم من أمواله وكان شوبنهاور يحضر هذا الصالون ويرى تملق الأدباء لأمه مع أن انتاجها تافه وسطحي في نظره ، وحين بلغ السابعة عشرة ثار عليها ثورة عارمة بعد انصراف ضيوف الصالون، وقال لها إنك دخيلة على الأدب والابداع سطحية الفكر ممجوجة الأسلوب وإن الحضور ينافقونك بسبب المال، فجن جنونها وصرخت في وجهه فزاد تسفيهاً لها وتنقيصاً لكتابتها فدفعته بعنف فسقط من الدرج ثم نهض يلملم جراحه وقال : - لن تريني بعد الآن ، وإن ذكرك التاريخ فسوف يذكرك على انك أم شوبنهاور فقط، غير ذلك فأنتِ إلى مزبلة التاريخ ! كان لسانه سليطاً، وكان عنيداً فخرج من عندها ولم تره بعد ولم تأسف عليه، ومن يومها وهو حاقد على المرأة بل وعلى الحياة، فقد تبنى فلسفة التشاؤم وبنى منها نظرية فلسفية متكاملة تعمل على إثبات أن الشقاء أمر محتوم على الإنسان، وأن أكبر خطايا الإنسان ميلاده، وأنّ الحياة بطبعها شرّ، وماقد يظنه الإنسان فيها من السعادة لحظات وهم، فالأصل والأساس هو الشقاء الدائم في هذه الحياة، حسب نظرية شوبنهاور التي سخّر لها عقله الجبار لكي يثبتها بكل وسيلة .. أما المرأة فصبَّ عليها وابل غضبه ونعتها بأقسى الأوصاف وقد نذكر بعض أقواله في مقال قادم..