اليوم نستذكر بكل فخر واعتزاز إضاءة مشرقة في تاريخ بلادنا، إضاءة امتد أثرها، واتسع إشعاعها لتنير لنا الطريق في مناحي حياتنا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، والإعلامية أيضا. اليوم يصادف الذكرى السادسة لتولي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود مقاليد الحكم في البلاد بعد أن تمت له البيعة ملكاً للمملكة العربية السعودية. ست سنوات تمكن خلالها حفظه الله من الثبات على نهج البلاد، وقاد مسيرتها بكل اقتدار، وأصبح يشار لها بالبنان في كل ملتقى ومحفل عربي أو عالمي. الإعلام، صوت الوطن، ونبض المواطن ووسيلته الفاعلة لقول الحقيقة، وتقويم الاعوجاج، لقي من لدن الملك عبدالله ما يستحقه من دعم وتطوير في الشكل والمضمون، إدراكا وإيمانا منه بأهمية الكلمة ودورها في التأثير، وتحديد المواقف، وبناء الوطن، وفي لقاءاته المتعددة مع المثقفين والإعلاميين يلحظ الجميع ما يوجّه به من ضرورة أن يقوم كلّ بعمله على أكمل وجه، وأن تكون الحقيقة والصدق منهاجا وأساسا للعمل . هذه الرؤية الثاقبة اتضحت معالمها في لقاء القائد برؤساء تحرير الصحف والمجلات في 26/6/1429 ه حين قال " يا إخوان أنتم من هذا البلد وإليه، ومهما عملتم يطلب منكم المزيد لخدمة دينكم ووطنكم، وهذا أهم شيء ... لابد أن تراعوا هذا الشيء، تراعوا مصلحة الدين والوطن لا مصلحة أشخاص ... كلكم رجال فيكم الخير، وهدفكم ليس فيه شك، أنا لا أشك فيه ولا أحد يشك فيه، إن الوطن فوق كل شيء، وشعبكم لا يريد أن يبدر منكم إلا كل كلمة طيبة " . ويبرز التلاحم والرؤية المشتركة بين القائد ورجالات الإعلام، والإحساس بالمسؤولية المشتركة في قوله خلال اللقاء مخاطبا رؤساء التحرير " يا إخوان أنا منكم وإليكم، لكن تهمني مصلحة ديني ووطني فوق كل شيء وهذه لا أساوم فيها، ولا أنظر فيها ولا في الحلم، هذه ما فيها شك وهي في اعتقادي فيكم جميعاً ..." رؤية إعلامية ثاقبة أخرى من لدن الملك عبدالله بن عبدالعزيز كان محورها (الكلمة) بمعناها الشامل والتي هي أساس ما يُكتب ويسمع ويشاهد. هذه الأهمية للكلمة أكدها لدى افتتاحه أعمال السنة الثانية من الدورة الخامسة لمجلس الشورى في 21/3/1431 ه حين خاطب الحضور قائلًا " إنكم تعلمون جميعاً بأن الكلمة أشبه بحد السيف ، بل أشد وقعاً منه ، لذلك فإنني أهيب بالجميع أن يدركوا ذلك ، فالكلمة إذا أصبحت أداة لتصفية الحسابات ، والغمز واللمز ، وإطلاق الاتهامات جزافاً كانت معول هدم لا يستفيد منه غير الشامتين بأمتنا ، وهذا لا يعني مصادرة النقد الهادف البناء ... " الإعلام الناجح الفعال، يحتاج إلى حيز واسع من الحرية ليقوم بالدور المطلوب منه، وهذه الحرية لابد لها من إطار عام تتحرك فيه بحيث لا تؤدي إلى انتقاص الآخرين والنيل منهم بدون حق، وقد جاءت الإشارة إلى ذلك واضحة في الأمر الملكي الأخير القاضي بتعديل بعض مواد نظام المطبوعات والنشر حيث ورد في مقدمته ما نصه " فحرية الرأي المنطقية والمسؤولة التي تهدف إلى تحقيق الصالح العام محل اعتبارنا وتقديرنا " هذا التأكيد على الحرية المسؤولة سبق وأن أوضحه خادم الحرمين الشريفين في كلمته أمام المؤتمر الإعلامي الدولي الأول حين قال " إن الحرية المسؤولة ومراعاة المصالح الدينية والاجتماعية والأخلاقية والحرص على احترام ثقافات الشعوب وتقاليدها والتنظيمات المهنية صفات يجب أن يتحلى بها الإعلام النزيه مع المحافظة على الحقوق المادية والمعنوية للأفراد والمؤسسات ومكاسب الأوطان ومقدراتها". بهذه الكلمات والإيضاحات المحددة لكثير من السياسات الإعلامية يدرك الجميع ما يوليه خادم الحرمين الشريفين من اهتمام ورعاية للإعلام بمختلف مناشطه ووسائله. ونحن إذ نستذكر اليوم مرور ست سنوات على توليه مهام الحكم نجد الطريق أمامنا واضح المعالم لطرحٍ إعلامي متزن، وتعامل مع كل المستجدات في إطار حرية واسعة المدى تحكمها المسؤولية والحرص على الإصلاح والنقد البناء بعيداً عن أي مصالح خاصة أو نقد شخصي ينتقص من حقوق الآخرين ويتدخل في خصوصياتهم..