كثيراً ما تشتكي الأمهات من استئساد أحد أطفالها، وتمرده أحياناً عن تنفيذ طلباتها، معبراً بطريقته الخاصة عن ما يغضبه على من حوله من أقرانه ووالديه، إما بالضرب أو التكسير، ليُحدث العديد من المشاكل، الأمر الذي يوقع والديه بالحرج. «الرياض» تلقى الضوء على «الطفل المستأسد»، لمعرفة صفات هذا النوع من الأطفال، إلى جانب كيفية التعامل معه، للقضاء على المشكلة قبل استفحالها، ولكي نؤسس جيل ناشيء طموح، لا يقف تفكيره على إزعاج الآخرين. شخصية غير مستقرة في البداية قالت «عزة محمد» -الأخصائية النفسية-: يعاني بعض الأطفال من شخصية غير مستقرة تفتقد إلى التوازن، فينشأ عنها طفولة «مستأسدة» أو «متذمرة»، معادية لمن حولها، فتُظهر تمردها من خلال سلوكيات خاطئة، كعصيانها للأوامر الصادرة من الوالدين أو المعلمين، الأمر الذي يؤدي إلى إيذائها لغيرها من أقرانها، إما جسدياً أو عاطفياً، أو محاولة الحصول على ممتلكات الآخرين بالقوة، مستهزئين بمن حولهم، ومقللين من شأنهم النفسي والاجتماعي، مستخدمين التنابز بالألقاب، إضافةً إلى التهديد لإخافة من حولهم، مضيفةً أن الطفل المستأسد يعمل على إقامة مجموعات منعزلة عن بقية الطلبة، رافضاً انتماءه لهم، وهي ظاهرة ذاتية يعملها لإثبات وجوده بطريقة ملفتة للنظر، وإظهار عدم رضاه النفسي عن الحال القائم. معاملة الوالدين وأضافت: يرجع ذلك غالباً إما لسوء معاملة الوالدين أو غياب أحدهما، أو لغيرته الشديدة من أقرانه، وقد تعود للدلال الزائد أو الإهمال المفرط ممن حوله، مبينةً أنه قد يخطئ الأهل في تعاملهم مع الطفل، واللجوء إلى معاقبته إما بالحرمان أو بالضرب، أو التعنيف الزائد والتهديد، مشددةً على أهمية استخدام الحوار وفنونه المتناسبة مع الأعمار المختلفة، فهو أبلغ الطرق للوصول إلى حل أمثل، فور ظهور موقف العناد من الطفل، إلى جانب تصحيح أفعاله وتحفيزه بمكافآت إن أحسن التصرف، مع إعطائه ثقة بنفسه وعدم ارهاقه بالأوامر. رمي بالحصي وأوضحت «حنان سالم» أنها تعمل جاهدة على تجنب أولادها لأبناء خالهم، فوجودهم جميعاً في مكان واحد يشعل منزلها بالمشاكل، مضيفةً: «هم مدللون لدرجة إن لم تلب طلباتهم، يُظهرون العديد من السلوكيات السيئة، مستخدمين الشتائم البذيئة والرمي بالحصى وكسر ما يكون في طريقهم، تعبيراً عن غضبهم»، مشيرةً إلى أن أكثر ما يزعجها تأثر أبنائها بسلوكياتهم والصراخ بصوت عال، لذلك حرصت على إرسال أولادها عند مجيء أولاد خالهم إلى أي مكان آخر حتى لا يشكلوا تجمعات تزعج المنزل. اعتاد على ذلك وأكدت «أم سامي» على أنها تستغرب تجاهل جارتها لتصرفات ابنها الوحيد، فهو مؤذٍ لدرجة أنهم فكروا بالرحيل من منزلهم، مضيفةً: «دائماً أجده في فناء منزلنا محاولاً أخذ أي شيء يخص طفلي، مع حرصي على غلق الباب، لكن ذلك لم يقف في طريقه، فهو ذو خبرة في تسلق حائط منزلنا، أخبرت والدته مراراً، ولكنها تبرر ذلك بصغر سنه، وأنها تجهل كيفية التعامل معه»، مشيرةً إلى أنها اشترت ألعاباً لابنها ظناًّ منها أن ذلك يجعله يتوقف عن تصرفاته، ولكن حاله لم يتغير، وكأنه اعتاد على ذلك. تصرفات حمقاء وقالت «أم نايف»: أعاني من تمرد ابني الأوسط، فهو في العاشرة من عمره، وبرغم أنه يعيش معنا أجواء أسرية هادئة نوعاً ما، لكن شخصيته أصبحت غريبة، لا أعلم سر هذه التصرفات التي ظهرت عليه فجأة، مبينةً أنه ما أن يعود من المدرسة إلاّ ويُسمع صراخه في كل أرجاء المنزل، بل إنه يعمل على خلق المشاكل بين إخوته، مشيرةً إلى أنهم لم يسلموا منه، الأمر الذي أجبرها على ضربه جراء تصرفاته الحمقاء، وكذلك حرمانه من العديد من رغباته، إلى جانب حبسه داخل غرفته لساعات، ولكن ذلك لم يزده إلا عناداً وتمرداً، مؤكدةً على أنها تجهل خصائص مرحلته العمرية وكيفية التعامل معه. دورات تثقيفية ونصحت «هند» الجمعيات الخيرية والمراكز التدريبية بإقامة دورات تثقيفية للوالدين في كيفية التعامل مع الأطفال بشكل عام، والمتمردين بشكل خاص، فأذيتهم ممتدة إلى غيرهم، بل ومؤثرة بشكل سلبي وملحوظ على من حولهم من الأقران، مضيفةً أنه لا بأس إن قدمت المدارس مثل تلك الدورات، لتوعية الطلاب في كيفية التعامل مع إخوتهم الصغار، فكثيراً ما يكون الوالدان «أُميين»، جاهلين لمثل تلك الدورات، ليكون للابن دور في إيصال ما يفاد منه، في كيفية تعديل السلوك لهذا الطفل وطريقة التعامل معه. تجمعات منعزلة وأوضحت «منصورة الخالد» أنه بحكم عملها كمعلمة للمرحلة الابتدائية، فإنها تشاهد العديد من تلك السلوكيات المتمردة، تظهر من خلال إقامة بعضهم لتجمعات منعزلة عن بقية الطالبات، تقودها رئيسة لهن تميل شخصيتها غالباً إلى الشدة في تعاملاتها، إلى جانب السيطرة على من حولها، ذاكرةً أنه تأتي لها الكثير من شكاوى الطالبات المتؤذيات، وعند حديثها معهن ومحاولة نهيهن عن تلك التجمعات، تجد «البجاحة» بالرد، بل وعدم التقيد بما تمليه عليهن من أوامر. عيب يا ماما! وقالت «أم سالم»: إن برود بعض الأمهات من تصرفات أبنائهن يغيظني، فعندما تأتي إحداهن لزيارتي تترك لي مهام متابعتهم في ظل وجود أبنائي، لأتشتت بين ضيافتهم ومتابعة الأبناء وحل مشاكلهم، ناهيكم عن تكسيرهم العمدي لتحف منزلي، مبينةً أنها تجد من أمهاتهم الضحك من تصرفاتهم، وقول: «عيب يا ماما»، لافتةً أنها لا تحاول إظهار تذمرها، ولكنها تتحاشى أن تلتقي بهذا النوع المهمل لأبنائه، تاركين لهم الحرية في فعل ما يشاؤون.