بروكسل - أ.ف.ب: واصل مؤتمر يضم مئة امام وحاخام قدموا من العالم اجمع ويشارك فيه عدد من كبار رجال الدين ويهدف إلى اعطاء دفع للحوار بين الإسلام واليهودية، اعماله هنا أمس. ويستمر المؤتمر وهو الاول من نوعه حتى يوم غد الخميس وسيشتمل على جلسات عامة وورش عمل. وافتتح اعمال المؤتمر الحاخام الاكبر السابق لفرنسا رينيه سيرات وامام الخليل الشيخ طلال سدر وممثل عن الشؤون الدينية في السلطة الوطنية الفلسطينية. ويعقد المؤتمر برعاية العاهل البلجيكي الملك البرت الثاني والعاهل المغربي الملك محمد السادس. وتنظمه مؤسسة «رجال الكلمة» التي نظمت مؤتمرا مشابها للحوار بين ممثلين عن الديانتين الاسلامية واليهودية في العام 2003 في سويسرا. ومن بين الشخصيات التي تشارك في المؤتمر الحاخام الاكبر في اسرائيل شمويل رابيونوفيتز والحاخام الاكبر شلومو روزين المسؤول عن منظمة «اللجنة الاميركية اليهودية». ويشارك ايضا امام مسجد باريس دليل بوبكر والدكتور زكي بدوي، رئيس المعهد الاسلامي في لندن، ومفتي حلب (سوريا) احمد حسون بالاضافة إلى علماء دين آخرين قدموا من اوروبا وافريقيا الشمالية ومناطق اخرى في افريقيا. ومن المنتظر ان تشارك في المؤتمر ايضا الايرانية شيرين عبادي الحائزة على جائزة نوبل للسلام. من جهته قال الدكتور عبدالعزيز بن عثمان التويجري - المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة - ايسيسكو - إن المسلمين حين يدعون إلى الحوار يصدرون فيه عن مبادئ دينهم التي تحثهم على الدعوة إلى الحق والعدل والقيم والمثل العليا، وفق منهاج الحكمة والموعظة الحسنة، مصداقاً لقوله تعالى {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن}. وأعلن في كلمة القاها في المؤتمر انه إذا كان القرآن يدعو إلى الحوار الجاد والبناء بالأسلوب الراقي الطيب الكريم، فإن سيرة رسول الإسلام محمد بن عبدالله - صلى الله عليه وسلم - كانت ترجمة فعلية لهذا الأمر الالهي، حيث كانت المراسلات النبوية والوفود التي كان يبعثها الرسول الكريم إلى عظماء زمانه، مطبوعة بهذا الطابع. كما كانت له، صلى الله عليه وسلم محاورات مع أحبار اليهود في المدينةالمنورة حول بعض القضايا الدينية والسياسية والاجتماعية. وأشار إلى أن هذا الوضع القانوني لاهل الكتاب في الأمة الإسلامية، هو وضع يراعي اولا وقبل كل شيء، مصالح هذه الفئات في المجتمع الإسلامي، ووصفهم بأهل الكتاب هو وصف جد ايجابي ومشرف، يجعلهم متساوين مع المسلمين في الحقوق والواجبات. وقال المدير العام للايسيسكو إن العالم الإسلامي اولى مسألة الحوار من أجل تحقيق الوفاق بين الثقافات والحضارات والديانات أهمية خاصة. واضاف قائلاً: اننا نعتقد ان الحوار من أجل الوفاق لا يمكن أن يكون حدثاً موسمياً، بل هو قضية إنسانية دائمة الحضور، ولاجل ذلك بذلت مؤسسات العالم الإسلامي ومنظماته المتخصصة، جهوداً كبيرة في هذا المجال، ومن بينها المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة التي تواصل العمل بإرادة وعزم إلى جانب مثيلاتها من المنظمات الدولية، من أجل ارساء أسس حوار متكافئ بين الثقافات والحضارات والديانات، والمساهمة في تحقيق الأمن والسلام في نطاق اختصاصاتها، ومن خلال عقدها أو مشاركتها في مجموعة من المؤتمرات والندوات العربية والإسلامية والدولية، واصدارها لمجموعة من الدراسات والكتب التي تعالج قضايا الحوار والتعايش. واكد أن حاجة العالم لنشر ثقافة العدل والسلام وتعزيز الحوار والتوافق وتربية الاجيال على قيم الحوار البناء والاحترام المتبادل، تشتد اليوم أكثر من أي قت مضى، مشيراً إلى انه قد ظهرت عدة نظريات وأفكار وتيارات في العقدين الأخيرين، تحث على العداء والكراهية وتحيي ضغائن الماضي، وتعبئ مشاعر الجفاء بين الحضارات، وقال ان هذه النظريات لا تصمد امام البحث العلمي الرصين أو واقع التجربة الإنسانية التي أثبتت فعالية قيم التسامح والتعايش وجدواها في استقرار المجتمعات الإنسانية وسعادتها ورقيها وازدهارها، مشيراً إلى انه بين هذه النظريات نظرية صراع الحضارات التي تعبر عن فكر عنصري قائم على غطرسة القوة وجبروت السلاح واستبداد الرأي وجموح المصلحة الضيقة. وقال انه من الواجب على النخب المتنورة وفي المقدمة منها علماء الدين ورجاله، نظراً إلى ما يمثلونه من ثقل معنوي في أوساط المؤمنين، أن يستأنفوا الحوار الذي تدعو اليه شرائعهم السماوية. وقال الدكتور عبدالعزيز التويجري اننا نعيش اليوم في عالم مضطرب، ظهرت فيه أصوات متعصبة في الأوساط اليهودي والمسيحية والإسلامية، تعمل على اذكاء روح العداوة والعنصرية والكراهية. ودعا إلى أن يصدر عن المؤتمر ما يدين هذه التصرفات، وما يؤكد أن السلام الذي هو مسؤوليتنا جميعاً، ينبني على أسس ثابتة من التسامح والتفاهم والتعايش والاحترام المتبادل. وتلك هي المبادئ التي يدعو اليها الإسلام ويؤكد الالتزام بها. وأضاف قائلاً: لقد آن الاوان للعمل على انهاء مأساة الشعب الفلسطيني وتمكينه من اقامة دولته المستقلة جنباً إلى جنب مع اسرائيل، تطبيقاً لقرارات الشرعية الدولية، وان جهود علماء المسلمين ورجال الدين اليهودي والمسيحي، لها تأثيرها الكبير للوصول إلى حل عادل وشامل لهذه المأساة التي أرقت الضمير الإنساني ردحاً من الزمن. وقال ان المسلمين عاشوا مع أتباع الديانات الاخرى في سلم وأمان في دولة الإسلام، ولنا عبرة فيما كان عليه الحال في الأندلس، وما أحوجنا اليوم إلى تمثل روح الأندلس التي سادت بين أتباع الديانات الثلاث.وأكد المدير العام للايسيسكو في المؤتمر الذي يعقد تحت رعاية العاهلين المغربي والبلجيكي، ان دين الإسلام هو دين السلام والحرية والعدالة والتسامح والرحمة.