يشهد التعليم العام في المملكة العربية السعودية العديد من القفزات النوعية في مجالات عدة تساهم في إثراء العملية التعليمية، وإكسابها مزيدا من التأثير الذي يمتد إلى قطاعات المجتمع بشكل عام وطاقته الإنتاجية بما يخدم مستقبل المملكة المعرفي، للرقي بمواطنيها إلى مصاف الدول العالمية المتقدمة في مجال التعليم العام والجديد. وانطلاقا من هذه القناعات الراسخة التي تبنتها المملكة منذ سنوات جاءت المبادرات الحثيثة للنهوض بالمجتمع والوصل به إلى مجتمع معلوماتي يواكب النهضة الحضارية للمملكة. ومن هنا تبرز مبادرة قوافل التدريب الإلكتروني التي تهدف إلى المساهمة في محو أمية الحاسب الآلي في القرى والهجر بالمملكة، في خطوة تعد الأولى من نوعها على مستوى المملكة، وآلية تطبيقية متفردة تقوم بها وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات بالتعاون مع القطاع الخاص. وزير الاتصالات وبعض مسؤولي الوزارة والمدربون في صورة جماعية وتأتي مشاركة من الوزارة من ضمن المبادرات الأخرى التي يقوم بها القطاع الحكومي والخاص في تمكين شرائح المجتمع في جميع أنحاء البلاد من التعامل مع الاتصالات وتقنية المعلومات بفاعلية ويسر لردم الفجوة الرقمية ورفع الوعي بأهمية الاتصالات وتقنية المعلومات لدى جميع الأفراد، وذلك بالتركيز على سكان المناطق الريفية ومحدودة الدخل وتوفير التدريب الأساسي والمجاني على استخدام الاتصالات وتقنية المعلومات. يهدف مشروع قوافل التدريب الإلكتروني إلى المشاركة في محو أمية الحاسب والإنترنت في مناطق المملكة من خلال توفير التدريب الأساسي والمجاني على استخدام الاتصالات وتقنية المعلومات للأفراد، وذلك بالتركيز على المناطق الريفية ومحدودة الدخل من خلال العديد من المحاور الأساسية والفرعية والتي تنطلق منها هذه المبادرة. ويأتي التعريف بأهمية الاتصالات وتقنية المعلومات في المجتمع من أبرز هذه الأهداف إلى جانب التعريف بالاستخدامات المتعددة للاتصالات وتقنية المعلومات وتوفير البيئة التدريبية المناسبة لتعلّم المهارات الأساسية لاستخدام الحاسب الآلي إلى جانب تيسير عملية الوصول إلى الخدمات الإلكترونية، وتشجيع ساكني المناطق الريفية والقرى على التدريب على استخدام الحاسب والإنترنت. طلبة يتدربون على مشروع قوافل وتستهدف المبادرة بالدرجة الأولى طلاب الصفوف العليا من المرحلة الابتدائية وطلاب المرحلة المتوسطة في التعليم العام والذين ليس لديهم خبرة في استخدام الحاسب الآلي، بالإضافة إلى ساكني المدن والمناطق الريفية والقرى والهجر من ذوي الدخل المحدود ومن لم تتسن له الفرصة لاكتساب مهارات استخدام الحاسب الآلي والإنترنت. وسوف تطبق المبادرة عن طريق عدد من الخطوات العملية منها ما يسبق البدء في التطبيق وأثنائه وبعده، حيث سيتم التدريب عن طريق فصل تدريبي متحرك مع التجهيزات اللازمة من مواد تدريبية ومدرب والموارد البشرية المساندة تتنقل بين المدن والقرى ضمن آلية تحرك تحددها الوزارة وتبقى في كل مكان أسبوعا واحدا، وسيتم تقديم أربع دورات تدريبية وبواقع 16 متدربا لكل دورة في استخدام الحاسب والإنترنت وذلك بمعدل عشر ساعات تدريبية لكل دورة خلال الأسبوع. في هذا السياق أكد معالي وزير الاتصالات وتقنية المعلومات المهندس محمد جميل بن أحمد ملا أن مشروع قوافل يتوافق مع خطط التنمية في المملكة التي تركز على التنمية المستدامة. أحد باصات قوافل وقال معاليه «نرى أن مشروع قوافل التدريب الإلكتروني يتوافق مع خطط التنمية في المملكة ومع رؤية الخطة الوطنية للاتصالات وتقنية المعلومات وذلك بالتركيز على التنمية المستدامة والمتوازنة بين مناطق المملكة المختلفة ومحافظاتها». وفيما يتعلق بمساهمة هذا المشروع في ردم الفجوة الرقمية ورفع المستوى المعلوماتي في القرى المنتشرة في أنحاء المملكة، قال معاليه: أتوقع أن يساهم هذا المشروع في ردم الفجوة الرقمية ورفع المستوى المعلوماتي في القرى المنتشرة في أنحاء المملكة. ونوه معالي المهندس محمد جميل بن أحمد ملا إلى أن التقدم في مجال الاتصالات وتقنية المعلومات يحسن من المستوى الاقتصادي بشكل عام، وهذا ينطبق على سكان تلك القرى. وعن تطلعات معالي الوزير للمرحلة القادمة من مشروع محو أمية الحاسب الآلي أشار إلى أن التطلعات والطموحات كبيرة جداً، موضحا أن ما تقوم به الوزارة مع غيرها من الوزارات ذات العلاقة سيسهم بإذن الله في محو أمية تقنية المعلومات في المملكة. وحول مشاركة الوزارة مع القطاع الخاص، وتعزيز هذه الشراكة فيما يخدم تقديم المواطنين وتقديم تسهيلات لكل الخدمات والمرافق أكد معالي وزير الاتصالات وتقنية المعلومات أن المبادئ الرئيسية لقطاع الاتصالات وتقنية المعلومات تعتمد على تنظيم القطاع وتخصيص تقديم الخدمات، ومنح القطاع الخاص كافة الفرص لتقديم الخدمات للمستفيدين وفتح المنافسة بين الشركات المختلفة لتقديم خدمات متميزة وبأسعار تنافسية. وقال معاليه: إن الوزارة تعتبر القطاع الخاص شريكا لها في تقديم وتنفيذ جميع مشاريعها. إلى ذلك قال مستشار وزير الاتصالات وتقنية المعلومات والمشرف العام على الخطة الوطنية للاتصالات وتقنية المعلومات الدكتور محمد بن عبدالله القاسم إن الخطوات الإجرائية التي اتخذتها وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات لنشر ثقافة الحاسب الآلي في المملكة كثيرة ومتعددة، لافتا إلى أن هناك جهات عدة تقوم بنشر ثقافة الحاسب الآلي في المملكة. وأكد أن وزارة التربية والتعليم تقوم بجهود كبيرة في هذا المجال عن طريق تدريس مواد متخصصة في المرحلة المتوسطة والثانوية وتنفيذ دورات متنوعة للطلاب والمعلمين. كما أكد أن وزارة الثقافة والإعلام تقوم أيضا بدورها عن طريق البرامج المتنوعة في القنوات السعودية ومشروع «سليم نت» لرفع التوعية باستخدامات الحاسب الآلي وزيادة التوعية، والاستفادة بشكل كامل من خدماته الكبيرة والكثيرة التي تقدمها الشبكات الحاسوبية، مشيرا إلى دور مؤسسة النقد العربي السعودي التي تقوم بالعديد من الحملات التوعية والتثقيفية في النواحي الأمنية البنكية. وأوضح د. القاسم أن هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات تقوم بالعديد من الحملات التي تركز بالدرجة الأولى لرفع الوعي إضافة إلى كل هذه الجهود التي تقوم وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات فإنها تضطلع بدورٍ كبير في هذا المجال متمثلا في مبادرة «قوافل للتدريب الإلكتروني» ومبادرة «محاضرات نشر الثقافة والمعرفة الرقمية» والتي تجاوز عدد محاضراتها لهذا العام 120 محاضرة حضرها ما يزيد عن 50,000 طالب وطالبة. مبيناً أن الوزارة تقوم ممثلة في برنامج التعاملات الإلكترونية الحكومية «يسر» بنشر ثقافة الحاسب الآلي في الجهات الحكومية المختلفة من خلال برنامج «قدراتك» لتدريب موظفي الدولة، مشيراً د. القاسم إلى أن المشروع يحظى بوجود فريق عمل سعودي كامل على معرفة كاملة بالمشروع وبجميع تفاصيله. من جهته نوه مدير مشروع قوافل التدريب الإلكتروني الأستاذ فهد بن عبد الرحمن اللويحان بالصعوبات المتوقعة عند التنفيذ التي من الإمكان مواجهتها أثناء التنفيذ، كما سلط الضوء على المعوقات التي حدثت في التنفيذ التجريبي للمشروع وقال: تعد طبيعة هذا المشروع فريدة من نوعها وتنفذ للمرة الأولى في المملكة، ولفت إلى أن هناك العديد من الصعوبات التي ستواجه التنفيذ. وزاد بالقول: واجهنا العديد من الصعوبات أثناء التنفيذ التجريبي وبحرص العاملين على المشروع وبالتنسيق المستمر مع شركائنا وزارة الداخلية، ووزارة التربية والتعليم، وبمصاحبة مديري المراكز والمدارس تم التغلب على هذه الصعوبات. وأشار اللويحان في تصريحه إلى أن المشروع أبرز العديد من الإيجابيات التي شجعتنا على التقدم في عملية الشروع في البرنامج. وقال رغم أننا في بدايات المشروع ولكن البوادر مشجعة لحرص الطلاب وسكان القرى في الالتحاق بهذه الدورات والاستفادة من محتواها. وأبان أن هناك حرصا من المتدربين على إتقان المهارات الأساسية وإدراكهم لأهمية تقنية المعلومات في الحياة. وفي هذا الإطار شرح المستشار والمشرف العام على تقنية المعلومات بوزارة التربية والتعليم الدكتور جار الله بن صالح الغامدي نوعية مساهمة وزارة التربية والتعليم في مشروع قوافل التدريب الالكتروني بالقول: تساهم وزارة التربية والتعليم في هذا المشروع من خلال المشاركة في تحديد المدارس المستهدفة حسب خبرتها لمدارسها وتحديد المواقع الجغرافية للمدارس وبعد ذلك التنسيق مع مديري تلك المدارس لتمكين الطلاب من المشاركة في هذه الدورات التي تنفذها وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات. ولفت الدكتور الجارالله إلى أن الوزارة تساهم بالعديد من الرؤى والخبرات انطلاقا من مسيرتها التعليمية في المملكة، عن طريق تزويد القائمين في هذا المشروع في وزارة الاتصالات بتغذية راجعة عن مدى نجاح هذه الدورات وسبل تطويرها. وأشار الدكتور جار الله بن صالح الغامدي إلى فائدة هذه الدورات العلمية للطلاب المستهدفين في المدن والقرى والهجر في المملكة حيث إن لها تأثيرا إيجابيا كبيرا ليس فقط على الطلاب فحسب بل على المدارس بشكل عام وأولياء أمور الطلاب. ونوه الدكتور الغامدي إلى أن مشروع قوافل التدريب الإلكتروني سيكون عاملا مشجعا لإبداع هؤلاء الطلاب في مجال الحاسب الآلي والإنترنت عند انتقالهم لمراحل متقدمة. ولأن كل عمل جاد فإنه في الغالب يواجه بالعديد من الصعوبات والعقبات التي ربما تعرقل مسيرة المشروع، وإدراكا من الوزارة لهذه المعوقات وضعت العديد من الاحتمالات التي قد تواجه البرنامج وخصوصا في بداياته، كما وضعت الحلول التي تقي البرنامج من البطء في تنفيذه أو الخلل في تحقيق أهدافه. وحول هذا الشأن قال الدكتور الغامدي إن المشروع يعد ثاني مشروع بالتنسيق مع وزارة الاتصالات، حيث تم في خلال العام الدراسي الحالي التنسيق لمشروع محاضرات رفع الوعي والتي أقامتها وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات في أكثر من 100 مدرسة للبنين والبنات في مناطق المملكة المختلفة، وتم التنسيق لهذا المشروع بشكل مرتب ومبكر، ويتم التواصل الدائم بين القائمين على المشروع في الجهتين. وعلى الجانب الآخر قال رئيس الشركة المنفذة للمشروع شركة صناعة الحياة للتدريب والاستشارات الأستاذ عايد القاسمي إن الشركة تتشرُف بتنفيذ مشروع قوافل التدريب الإلكتروني، لافتا النظر إلى أنها مبادرة وطنية تسعد الشركة بتنفيذها بالتعاون مع وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات.