أسئلة كثيرة تردنا من القارئات حول آلام أسفل الظهر التي تصيبهن في مرحلة مابعد الولادة والتي تزداد شدتها بعد الوضع ويسألن عن أسبابها وعن طريقة علاجها وتفاديها. والواقع هو أن هذه الآلام شائعة جداً فقد أثبتت الأبحاث التي تم إجراؤها في كثير من دول العالم بأن هذه الآلام حقيقة وواقعية و تتعرض لها السيدات بعد الولادة نتيجة الضغوط التي يقمن بها للعناية بالطفل. فقد أظهرت إحدى هذه الدراسات بأن الأم الجديدة تنحني بما يعادل خمسين مرة يومياً لإلتقاط طفلها أو لتغير الحفاظات أو غير ذلك من الأنشطة اللازمة. وإذا ماقامت الأم الجديدة بعمل هذه الأنشطة بطريقة خاطئة فإن ذلك يؤدي إلى ضغوط على أسفل الظهر. وفي مايلي سوف نستعرض أهم هذه العادات الخاطئة والأسباب الكامنة وراء ظهور هذه اللآلام وكيفية تشخيصها وكيفية علاجها وكيفية تفاديها. أسباب آلام أسفل الظهر في مرحلة مابعد الولادة إن مرحلة الحمل بحد ذاتها تعد تحدياً حقيقاً لمنطقة أسفل الظهر حيث إن فترة الحمل تتميز باختلال واختلاف في عمل هرمونات الجسم حيث إنه في المرحلة النهائية من الحمل يفرز الجسم هرمونات تساعد على ارتخاء العضلات والأربطة وذلك بغرض تجهيز جسم المرأة للولادة حيث تحتاج إلى أن تكون قادرة على استيعاب ولادة الطفل وأن تكون عظمة الحوض مرنة وقابلة للتوسع. ولذلك فإن هذه الهرمونات لا تؤثر فقط على منطقة الحوض والمنطقة التناسلية لكنها تؤثر على جميع الأربطة في الجسم وبالذات على الأربطة والعضلات في منطقة الحوض وأسفل الظهر مما يؤدي إلى استرخاء هذه المناطق وبالتالي إلى خلل بسيط بعملها. وإذا ماأخذنا في الحسبان أيضا بأن وزن المرأة الحامل يزداد في المرحلة الأخيرة من الحمل بشكل واضح وأن قوامها يختلف وأيضاً طريقة مشيها فإن كل هذه الضغوط تتركز على أسفل الظهر وتسبب إجهاداً عليه في هذه المرحلة. ثم تأتي بعد ذلك مرحلة الولادة والتي يكون فيها إجهاد حقيقي لمنطقة أسفل الظهر والحوض. وفي كثير من حالات الولادة في هذه الأيام يتم إعطاء حقنة الظهر لتخفيف حدة الآلام. وعلى الرغم من أن هذه الحقنة ليست لها علاقة مباشرة لآلام أسفل الظهر إلا أن كثيراً من السيدات اللواتي يشعرن بآلام أسفل الظهر في مرحلة مابعد الولادة يعتقدن بأن سبب الآلام هو هذه الحقنة. وهو اعتقاد غير صحيح في معظم الحالات. وذلك لأن الأسباب التي ذكرناها سابقاً والأسباب التي سوف نذكرها لاحقاً هي المسؤولة عن ظهور هذه الآلام وليست الحقنة بحد ذاتها. من الأسباب الأخرى التي تجعل آلام الظهر تظهر بعد الولادة هو تراكمات وترسبات نتيجة العادات الخاطئة التي كانت تقوم بها السيدة قبل الولادة مثل الجلوس بطريقة خاطئة والإنحناء بطريقة خاطئة وعدم لياقة الظهر وزيادة الوزن مما يجعل أسفل الظهر عرضةً لأن تتأثر بالضغوط الناتجة عن الحمل والولادة وبالتالي تظهر المشاكل بعد الولادة. وأيضاً لا ننسى الدراسة التي ذكرناها سابقاً والتي هي واقعية جداً حيث إن الأم الجديدة تنحني بشكل كبير ولمرات كثيرة خلال اليوم عند عنايتها بطفلها الجديد إما لإرضاعه أو لحمله أو عند الاستحمام أو عند غسله. كل هذه الإنحناءات تؤثر على أسفل الظهر وتجعله عرضة للآلام. إذا فهناك العديد من العوامل والأسباب التي تؤدي إلى ظهور الآلام وفي الواقع أن الغالبية العظمى من هذه الآلام تكون حميدة أي أنها ناتجة عن شد أو إلتهاب بسيط في عضلات ومفاصل أسفل الظهر ويمكن علاجها بالتقيد بالنصائح الطبية والطرق السليمة لإلتقاط ورفع الأشياء. إلا أنه في بعض الحالات قد تتطور هذه الآلام لتصبح إنزلاقاً غضروفياً بسيطاً أو شديداً أو خشونة في مفاصل أسفل الظهر أو تمزقاً في عضلات الظهر. ولذلك فإننا دائماً مانقول للمرضى بأن الألم هو نعمة من الله وليس نقمة لأن الألم ينبهنا وينبه أجسادنا بأن هناك خللاً ما وأن هناك شيئاً ما نقوم به بطريقة خاطئة ويجب أن نصححه لكي يخف الضغط على منطقة الألم. العناية بالطفل يجب ألا تؤثر في ظهر الام طرق تفادي آلام أسفل الظهر أثناء الحمل ومابعد الولادة في الحقيقة هناك أشياء ممكن عملها لتجنب آلام أسفل الظهر أثناء فترة الحمل وبعد الولادة. فمثلاً إذا كانت المريضة تعلم أن لديها مشكلة في أسفل الظهر فإنه يتوجب عليها مراجعة الطبيب والعناية بظهرها ووضع حل لهذه المشكلة قبل أن تبدأ في الحمل أساساً. وخلال فترة الحمل يمكنها عمل الكثير من الأشياء التي تساعد على تخفيف الألم مثل مزاولة الرياضة البسيطة وعمل التمرينات البسيطة لتقوية وإطالة عضلات منطقة الحوض وأسفل الظهر وكذلك يمكنها استخدام حزام طبي ساند للظهر ومصنوع خصيصاً للحوامل وموجود في محلات الأجهزة الطبية. كما يمكن عمل جلسات علاج طبيعي في مراحل الأولية للحمل لتخفيف الألم وتقوية العضلات. أيضاً يمكن تناول بعض الأدوية المسكنة أو الأدوية المضادة للإلتهاب لفترات قصيرة وتحت إشراف الطبيب. أما في حالة مرحلة مابعد الولادة فيجب على الأم الجديدة التنبه لوضعية ظهرها عند التقاط الطفل من السرير وعند حمله وخلال الرضاعة والحرص على أن يكون الظهر مستقيماً وأن يكون الإنحناء من خلال مفصل الورك والركبتين. كما يمكن عمل تمرينات بسيطة لشد عضلات البطن وأسفل الظهر والتي قد تكون ترهلت خلال الحمل ومرحلة الولادة. ويمكن أيضاً تناول الأدوية المسكنة وعمل الجلسات العلاج الطبيعي واستخدام المشدات الساندة للظهر عند اللزوم. ماذا لو استمرت الآلام إذا ماقامت الأم الجديدة بعمل جميع التوصيات التي ذكرناها سابقاً وبالرغم من كل ذلك استمرت الآلام لديها أو أصبحت شديدة أو أصبحت لاتستجيب للمسكنات أو بدأ الألم بالنزول إلى الفخذ أو الساق أو صاحبه خدران أو تنميل فإنه في هذه المرحلة يجب عليها التوجه للطبيب للقيام بعمل الفحص السريري والأشعات الضرورية لتشخيص الحالة. حيث إنه في هذه الحالات قد تكون هناك تطورات أويكون هناك إنزلاق غضروفي في أسفل الظهر أو جفاف أو خشونة في الغضروف القطني. كما أنه في بعض الأحيان قد تكون هناك تمزقات في الأربطة التي تصل العامود الفقري بمنطقة الحوض وفي المفاصل التي تقع في هذه المناطق نتيجة الولادة المتعسرة. وهنا يمكن عمل أشعات سينية وأشعة مقطعية وأشعة رنين مغناطيسي لتشخيص الحالة بدقة تامة والوقوف على السبب الكامن وراء هذه الآلام والسبب الكامن وراء عدم استجابتها. وعندما يتم تشخيص السبب بدقة فإن الخطة العلاجية تبدأ حسب التشخيص وحسب شدة الآلام وحسب حالة المريضة. ولكن بغض النظر عن التشخيص فإن الغالبية العظمى من هذه الحالات تستجيب للعلاج التحفظي الذي يشتمل على الراحة وتجنب الإجهاد وجلسات العلاج الطبيعي والأدوية المسكنة والأدوية المضادة للالتهابات بجميع أنواعها. النصائح والتوصيات كما ذكرنا سابقاً فإن آلام أسفل الظهر خلال الحمل وفي مرحلة مابعد الولادة هي مشكلة شائعة جداً والواجب هو محاولة منع ظهور هذه المشكلة أو التقليل من حدتها وذلك عن طريق تثقيف المرضى خلال فترة الحمل عن طرق العناية بأسفل الظهر والطرق الصحيحة للإنحناء والثني. وفي حالة استمرار هذه الآلام فإنه يجب تحويل المريضة إلى الاختصاصي لكي يقوم بمعرفة السبب الكامن وراء استمرار الآلام وعلاجها بإذن الله.