البيوت القديمة في القطيف لم يتم تشييدها بأطر معمارية حديثة وبدون تخطيط وتنظيم عمراني ورغم ذلك فهي توفر للقاطنين فيها الأمن والاستقرار النفسي، وتختلف الأبنية بأشكالها الهندسية ذات الأنماط التقليدية في التصميم من قرية إلى أخرى ومن مبنى إلى آخر وترجع هذه الاختلافات لأمزجة القاطنين فيها بعضهم يحبذ بناء مسكنه بشكل عادي، أما البعض فيحبذ أن يبني منزله على النمط المعماري، الإسلامي ويقومون بترتيبها بأقواس هلالية وزخرفة إبداعية. وفي «القديح» يلاحظ أن البيوت القديمة شرع في تشييدها بالطريقة والتقليد المتبع منذ زمن بعيد دون الالتزام بمخطط معين أو تنظيم مدروس لعدم توفر مستلزمات البيت الحديث كما هو حاصل الآن ولكنها أخذت في طابعها احترام الأنماط والقيم الاجتماعية، منها مراعاة حقوق الجار، في هذه البيوت القديمة ويلاحظ أنها متداخلة مع بعضها البعض ومتلاصقة دون أن تكون هناك فراغات بين بيت وآخر. وفيها طرقات ضيقة تتسم بكثرة المنعطفات والالتواءات والتعرجات وتتخللها مظلات تعرف باسم (السوابيط) يتم تثبيت الواحد منها بين سقف بيت وآخر. وأبرز ما يميز هذه البيوت القديمة أنها تعطي القاطنين فيها الأمن والاستقرار النفسي ولا تشجع الغريب بالدخول فيها كما أن المساحات المظللة فيها يمكن استخدامها كمواقع للجلوس تحتها والتفيؤ بظلالها والاستمتاع بهوائها البارد المنعش خصوصاً أيام الصيف. وفي منطقة «القديح» والتي يطلق عليها مضر سابقاً نجدها تختلف كثيراً عن باقي مدن القطيف حيث الكثافة السكانية والتي علق عليها بعض المؤرخين بأنها أكبر كثافة سكانية بالعالم العربي يعيشون في مساحة لا تتجاوز كيلومتر واحد وعدد سكانها أكثر من 44 ألف نسمة وبعض سكانها مازالوا يحتفظون بالأسر الممتدة حيث وجدنا منزلاً واحداً يقطن فيه مائة نسمة. وقد سميت «القديح» نسبة لأول رجل سكن بها ويسمى قديح وعمر القديح يزيد عن خمسمائة سنة، كما أن قبر الشيخ يوسف بن أبي ما زال موجوداً فيها، وتشتهر القديح بعدد من العيون ومن أهمها: عين اللبانية، وعين السادات، وعين المحارق، وعين القديح، وعين الحمير، وجميعها قد اندثرت نتيجة للتوسع العمراني والذي طال أغلب المزارع والعيون وكذلك جفافها ولكنها تبقى شاهداً على حضارة هذه المدينة والتي اختلف المؤرخون حول عمرها الزمني والذي قال بعض المؤرخين بأن عمرها قد يرجع إلى 5000 سنة مضت.