إذا كان الفن شكلاً من أشكال العشق فهو أحد هؤلاء العشاق، وإذا كان موهبة فإنه يتمتع بها منذ بواكير حياته، لذا كان أحد المؤسسين لمسرح الشارقة قبل ثلاثة عقود، صقل شخصيته الفنية وعمل على تنميتها وتطويرها وتدريبها، بالخبرة والدراسة والممارسة، إنه يرى الفن متعة جمالية ونفسية يشعر بها صاحبها قبل أن ينعكس ألقها على وجوه الآخرين، وهو ذو وجه سمح بشوش لا تفارق الابتسامة محياه، الفن بالنسبة إليه انطلق من رحم المعاناة التي أنتجت الإبداع، والثقافة، والمسرح الإماراتي الحديث، وما زال إلى الآن يذهب كل يوم إلى مكانه الأثير، ليمارس طقوسه، وبوحه الداخلي، إنه الفنان الإماراتي علي خميس والذي تمتد معه خيوط هذا الحوار: ٭ كممثل إماراتي:ما هي المزايا التي تراها في الفنان المحلي؟ - الفنان الإماراتي دائما طموح يريد أن يعطي أكثر، يتعلم، يعمل بلا كلل أو ملل، لا يوجد عندنا فنان في الإمارات يقول لا، نادرا ما نفكر في المادة نتركها خلفنا،وصلنا إلى مهرجانات خليجية وعربية حققنا نجاحات وهذا يدل على أن طموحات الفنان الإماراتي كبيرة. ٭ ما هي المعاناة التي تواجهها كفنان؟ - إذا لم توجد المعاناة فلن يوجد الإبداع: أنا من مؤسسي مسرح الشارقة الوطني، اشتغلت في معظم الأعمال التي قدمها المسرح ومنذ عام 1975 أي بداية التأسيس كنا ثلاثمئة شخص لم يتبق منا كفنانين من الجيل القديم أكثر من خمسة عشر فناناً هؤلاء هم الذين أحبوا المسرح بصدق وتحملوا المعاناة، وفي النهاية فإن الممثل مسكين يبذل جهدا كبيرا في الإعداد والبروفات والسهر والتعب كي يقدم العمل للمشاهد الموجود في القاعة أو أمام شاشة التلفزيون حيث يضحك البعض على العمل والبعض الآخر يضحك على الممثل. ٭ إلى أي مدى تعتقد بوجود العصرية في المسرح الإماراتي؟ - العصرية سمة واضحة من سمات المسرح في الإمارات، فنحن دولة حديثة، وكمسرحيين فإننا نأخذ من الحداثة ونتفاعل معها، لأن المسرح فن ينبغي أن يتواكب مع الحياة، وهذا لا يعني أننا نلغي التراث، بل نستلهم منه ما يناسب حياتنا ودرجة تطورنا الحضاري. ٭ هل ترى أن أيام الشارقة المسرحية تساهم في تقدم المسرح الإماراتي ودفعه للأمام؟ - هذا أكيد حيث تعمل الفرق المسرحية بهمة ونشاط لتقديم أفضل ما عندها من أعمال، كما أن هذه الأعمال تدخل في منافسات شريفة مع بعضها البعض لتقديم أفضل ما عندها في هذه التظاهرة الفنية الثقافية التي تجري على أرض الشارقة بصورة منتظمة سنوياً. ٭ على امتداد ثلاثين عاماً في رحاب الفن.. ماذا حققت؟ - هناك من يحب الكرة، وآخر يحب جمع الطوابع، أما أنا فكنت ميالاً للفن ومتعلقاً به منذ أيام الدراسة، كنت أحضر الأفلام الهندية وأنا صغير وأقوم بتقليد الفنانين وتراودني فكرة الوقوف على خشبة المسرح في يوم من الأيام. ٭ هل ما زلت تعتبر نفسك هاوياً؟ - نعم أنا هاو وأتعلم وغير محترف، لأن الفن بحر واسع، وحتى آخر لحظة فإن الفنان الأصيل لا يتجمد في مكانه، ويبقى مندفعاً للتعلم واكتساب المزيد، ويتحلى بصفة التواضع. ٭ علي خميس هو نفسه (أبوشلاخ) هذه الشخصية التي لازمته وكادت تلغي اسمه الحقيقي.. كيف حدث ذلك؟ - لقد ظهرت هذه الشخصية من خلال كتاباتي أنا والأخ الفنان عبدالله بوعابد في تلفزيون الشارقة، حيث إن هذه الشخصية لا تصدق الناس وتحب أن يقال عنها أبو العريف، كنت أكتب الحلقات وفكرت في شخصية غير موجودة على الساحة الفنية الإماراتية حيث ولدت شخصية بوشلاخ المضادة لكل الناس، ولكل ما هو صحيح، ومن ثم اشتهرت بهذه التسمية في الوسط الفني وأصبح اسمي علي بو شلاخ بدلاً من علي خميس، حتى أولادي في المدارس ينادونهم عيال بوشلاخ. ٭ ما موقف أولادك؟ - ينزعجون في بعض الحالات من هذه التسمية، ويوجهون اللوم لي لأنني لم اختر اسماً فنياً آخر. ٭ ألا تشعر بنوع من تأنيب الضمير حين ترى الانعكاسات السلبية لهذه الشخصية على أولادك؟ - لم أكن أتصور أن تتطور الأمور إلى هذه الدرجة، لكنها مرحلة في حياة أولادي ويتم تجاوزها، والفنان وعائلته لا بد لهم من دفع ضريبة الشهرة. ٭ لماذا يلغي الاسم الفني للفنان الاسم الحقيقي.. حتى نور الشريف وهو الفنان المشهور جداً كاد الناس يستبدلونه بشخصية الحاج متولي؟ - الاسم الفني متعلق بالفنان الذي يحمل هذا الاسم، فإذا كان الفنان محبوباً لدى الناس وأدى دوراً جيداً فإن الاسم الفني يلصق في أذهانهم، أما بعض الأسماء الفنية المكروهة فإنها لا تبقى وسرعان ما تندثر، وبقاء الاسم الفني في أذهان الناس دليل على مدى نجاح الفنان في تقمص دوره لدرجة أن المشاهد تعامل معها على أنها حقيقية. ٭ أنت فنان مسرحي وتلفزيوني معروف، لكنك تشارك في أعمال دعائية تجارية. - لقد عرفني الجمهور الخليجي والعربي من خلال الأعمال التجارية أو الإعلانات، التي تظهر في جميع المحطات الفضائية، وقد شاركت في عمل دعايات لشركات سيارات وعطور والعديد من السلع الاستهلاكية والبرامج الإرشادية، وتصوير الأغاني على طريقة الفيديو كليب مع الفنان عبدالله رويشد ونبيل شعيل ومحمد البلوشي وغيرهم، وأنا أجد أن الفنان إذا كان قادراً على العطاء في أي مجال فني ويقدم إضافة لهذا العمل، فلا فرق بين التمثيل في مسلسل أو مسرحية أو أغنية، فالظهور في أغنية مثلاً هو تقمص لحالة معينة تغنى بصوت عذب ولحن جميل. ٭ لكن لماذا تلجأ إلى تصوير الإعلانات؟ - الفنان مثل ماكنة السيارة، إذا توقف عن العطاء يخرب، وأنا أحب دائماً أن أكون أمام الكاميرا، إضافة إلى المردود المادي والإعلامي بالنسبة للفنان، وكما تلاحظ فإن أشهر الفنانين العرب، والشخصيات الرياضية والإعلامية والفنية تشارك في تقديم الإعلان، وبالنسبة لي فمن المفروض أن أدخل كتاب جينس، لأنني الوحيد في الشرق الأوسط الذي اشتغل أكثر من 95 مادة إعلانية غير أعمالي المسرحية والتلفزيونية، وقد عملت مع معظم مخرجي العالم من جنوب أفريقيا، وإيران، وبريطانيا، وفرنسا، وألمانيا، ولبنان، والخليج . ٭ لوحظ أنك أجدت دور الكردي في ظهور إعلاني لك مؤخراً في التلفزيون؟ - تقمصت هيئة الشخصية الكردية، وارتديت نفس الملابس، والبعض اعتبرني (انترنشنل) ذلك أنني أجيد كل الأدوار. ٭ ما السر في ذلك؟ - عندما أؤدي الشخصية أنسى نفسي تماماً وأنني من الإمارات، أمثل الدور المعطى لي تماماً. ٭ ما جديدك؟ - شاركت في فيلم هندي عالمي سيعرض خلال هذا الشهر في الإمارات والعديد من دول العالم، وهناك حالياً فيلم آخر عن (تاج محل)، وكان دوري بداية مهندساً معمارياً لبناء تاج محل، لكن المخرج وجد التكاليف باهظة، إضافة إلى 35 ألف عامل للبناء، وعليه تم تغيير دوري إلى قاضي قضاة في قصر الحاكم . ٭ أنت صديق جميع الفنانين ورجال الصحافة والإعلام، ما الطريقة التي تكسب بها صداقة الناس؟ - أن تحب الناس بصدق وتتعامل معهم بإخلاص، وكما قال عليه السلام «تبسمك في وجه أخيك صدقة». وأنا أطبق هذا الحديث في علاقاتي مع الآخرين. ٭ هل ورث أحد من أولادك الفن؟ - هناك ميول فنية لدى بعض أولادي، وخاصة ابني حمد، وقد شاركني الأبناء بعض أعمالي. ٭ لماذا لم تشارك في أيام الشارقة المسرحية في دورتها الأخيرة؟ - كنت أحد الجالسين على الكراسي، واستمتعت ببعض العروض، وخاصة عرض محمد العامري الذي حصد معظم الجوائز رغم أنه مخرج شاب إلا أنه قدم شيئاً مميزاً.