يشيخ الزمن وتبقى العلاقات البحرينية السعودية شابة ناضجة تؤتي أكلها كل حين، وتتجدد كل يوم وتبعث فينا الأمل والثقة مع مطلع كل شمس. فالعلاقات البحرينية السعودية ليست جسراً يتحدى البحر ويتجاوز الصحراء.. وليست أرقاماً سياحية أو نشاطات تجارية أو تبادلات اقتصادية.. كما أنها ليست جواراً جغرافياً، أو تماثلاً تاريخياً، أو حتى تشاركاً تعاونياً في مجلس إقليمي. إنها قدر واحد ممتد عبر تاريخ واحد ومصير واحد لشعب واحد.. هكذا نفهمها من غير شعارات إنشائية، أو بيانات سياسية، ومن دون هيئات شعبية مشتركة.. وهكذا تفهمها قياداتنا الحكيمة من غير لجان وزارية أو حتى لقاءات قمة بروتوكولية. وقبل أيام لم يكن شعب البحرين يحتاج الى صدور فرمانات سياسية ولا تعليمات مرجعية كي يعبر عن مكنون قلوبه للسعودية ومليكها وقيادتها وشعبها. لم يحتج الأمر سوى لاقتراح بسيط من مواطن عادي على شبكة الانترنت، فجاءت الاستجابة سريعة تلقائية وشاملة.. وشهدت ربوع البحرين سباقاً فريداً وتنافساً غير مسبوق على رفع الاعلام السعودية وصور خادم الحرمين الشريفين.. كرمز اعتزاز بحريني، وعناوين لرسائل شعبية مباشرة، موجهة الى كل العالم. كانت كل هذه القيم والمشاعر، تتجسد في كلمات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود خلال استقباله صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء، حين قال إن البحرين والسعودية: (كل لا يتجزأ.. وهما جسدان تنبض فيهما روح واحدة). وقبل ذلك، وعلى مدى التاريخ المشترك بين الشقيقتين كان الأجداد والآباء وهم يبنون النهضتين الميمونتين في البحرين والسعودية، يكرسون معهما حقيقة أكثر رسوخا وأعظم نتاجاً وإنجازاً.. وهي أن البحرين فلذة كبد السعودية، وأن بلاد الحرمين الشريفين ليست فقط عمقاً إستراتيجياً للبحرين، بل عمق وجداني لكل مواطن فيها، وعمق عقائدي نتطلع اليه في كل صلاة، ونتوجه اليه عند الدعاء. أما المواقف السعودية الداعمة لأمن البحرين واستقرارها وبناء نهضتها وتكريس حضورها الدولي، فليس ثمة سجل يمكن ان يحيط بها، غير أن سمو رئيس الوزراء الذي اختبرها وعايشها على مدى عقود، عبر عن وجدان كل بحريني حين وصفها قائلاً: (إن هذه المواقف ستظل ماثلة في ذاكرة الوطن وفي قلب كل بحريني). فما بين القلب السعودي والجسد البحريني نسغ لا تجري فيه دماء الحياة فحسب، بل تجري فيه روح العزة وعوامل الوجود ومعطيات الكرامة. وما بين القلب البحريني والجسد السعودي ذاكرة من وفاء، وتاريخ من محبة، وتراث يلقنه الآباء للأبناء من ولاء للوطن البحرين لا يكتمل الا بالولاء للسعودية، وإخلاص للقيادة البحرينية لا يستوي إلا بالإخلاص للقيادة السعودية.. التي اثبتت الاحداث والمواقف الأخيرة، إن الدور الذي يشتمل عليه حضورها في المنطقة، يتعدى كونها مركز الثقل للأمن والاستقرار في دول مجلس التعاون والاقليم كاملاً، إلى كونها مصدر الحكمة في المنطقة وركيزة الضمان لدولها وراية المواجهة تجاه كل ما يهددها. في الشأن الوطني: عبدالله بن عبدالعزيز .. ملك الإنسانية حين يعود زعيم أو ملك من رحلة استشفاء ويحتفل شعبه بعودته، غالباً ما تكون الاجهزة الرسمية في الدولة هي المحرك لتلك الاحتفالات.. ووحدها عودة خادم الحرمين الشريفين من رحلة الاستشفاء، واكبتها حملات فرح وسعادة وغبطة ليس في السعودية فحسب، بل في معظم اقطار العالمين: العربي والاسلامي، وبشهادة المواقع الالكترونية والمنتديات الشبابية والاجتماعية على شبكة الانترنت في معظم الدول العربية والاسلامية. وهي مشهدية لا يمكن ان تكون جراء تعليمات او تدخلات من اجهزة رسمية.. بل برهان ساطع على اشواق الانسان العربي والمسلم لملك تستجيب صفاته وسجاياه لتطلعات وآمال هذا الانسان.. وتلك لعمري مكانة ربما لم يختبرها زعيم عربي قط من قبل.