في الحادي عشر من شهر مارس ضرب الزلزال شرق اليابان مخلِّفاً وراءه أكثر من (26) ألفا بين قتيل ومفقود وأكثر من (130) ألفا بلا مأوى فضلاً عن الدمار الكبير. لقد كانت كارثة غير مسبوقة وسوف تستمر محنة شعبنا ومعاناته. أود أن أعبر عن بالغ تقديري لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود والحكومة السعودية والشعب السعودي للتعاطف والمواساة والتضامن والدعم الكبير الذي تم تقديمه لنا. في شهر مايو من العام الماضي تم توجيه الدعوة لليابان للمشاركة في مهرجان الجنادرية السادس والعشرين بحسبانها الدولة ضيف الشرف في المهرجان. وقد شعرنا ببالغ الامتنان. منذ ذلك الحين ظللنا نبذل جهداً كبيراً لكي يصبح جناحنا في المعرض جذاباً ورائعاً. لم نخلد للراحة أو الاسترخاء ولو ليوم واحد. وكان الأمر عصيباً علينا بصفة خاصة عندما وقع الزلزال في المرحلة النهائية من الاستعدادات. ومع هذا وبعد تفكير عميق قررنا أن نفي بالتزامنا بالمشاركة في مهرجان الجنادرية السادس والعشرين. باسم اللجنة التمهيدية يطيب لي أن أعرب عن بالغ تقديري إلى جميع من أسهموا في أن تصبح مشاركتنا ممكنة. ندرك أن العديد من الناس تأثروا بالزلزال. أستطيع الآن أن أقول بكل فخر واعتزاز إن جناح اليابان في الجنادرية حقق الغرض المنشود وكان في مستوى توقعات الشعب السعودي. وإن من دواعي سرورنا أن هذه هي المرة الأولى التي نقدم فيها اليابان بصورة شاملة في المملكة العربية السعودية. لقد قدمنا لكم اليابان من ثلاثة جوانب: التقاليد التي تعكس الماضي، وأسلوب الحياة العصرية الذي يمثل الحاضر، والتقنية المتقدمة التي ترسم ملامح المستقبل. وأعتقد أن الشعب السعودي وجد شيئاً يابانياً خالصاً وشعر به: أسلوبنا في الحياة أو أفكارنا وقيمنا المتجسدة في كل جزئية بالمعرض أو في جميع العروض بأشكالها وأنواعها كافة. كان للجناح الياباني العديد من المضامين الأخرى المهمة جداً. أولاً، كان الجناح بمثابة بذر لغرس يرمز للمشاركة – ذلك أن العلاقة بين اليابان والمملكة العربية السعودية ذات طبيعة إستراتيجية وبالتالي ينبغي النظر إليها وفق منظور بعيد المدى – لنقل عشر سنوات أو عشرين سنة. إن ما ينبغي علينا القيام به حالياً هو إيجاد بذور صالحة وغرسها بحيث تحصد الأجيال القادمة ثمارها. إن غرس البذور هو جهد ياباني سعودي مشترك. وإذا كنا سنظل على هذا الدأب حيناً من الوقت، فإن السنوات القليلة القادمة تعد بصفة خاصة حاسمة بالغة الأهمية. وأقول إن جناح اليابان كان في واقع الأمر من البذور الجيدة جداً. لذا دعونا نولي هذا الغرس العناية اللازمة ونتعهده بالرعاية الحقة حتى ينمو فيصبح شجرة وارفة الظلال. ثانياًَ كانت مشاركة اليابان في مهرجان الجنادرية التزاماً مهماً ولكنني أعتقد أنه ينبغي ألا تكون بمثابة الطلقة اليتيمة وإنما ينبغي علينا أن ننظر إليها كحلقة في سلسلة متصلة من العمليات. وبعبارة أخرى كان الجناح الياباني تجسيداً لعملية تطور وستظل عملية الجنادرية في سويداء القلب لدى شعبينا في السنوات القادمة. لذا وخلال عشر سنوات عندما ينظر الناس إلى الماضي فإن من المؤكد أنهم سوف يثمنون عالياً جناح اليابان بصفته نقطة تحول مفصلية انتقلت عندها الشراكة بين بلدينا إلى المرحلة الجديدة. ثالثاً، أضاف الزلزال الكبير الذي ضرب شرق اليابان قيمة أخرى إلى جناح اليابان ذلك أن هذه الكارثة كانت حقاً غير مسبوقة ولكن في الحقيقة نجد أنها أيضاً أطلقت العنان لقدر غير مسبوق من التعاون والتضامن والإحساس المشترك وروح الجماعة لدى شعبنا. لقد تحملنا كثيراً في الأسابيع السبعة الماضية وسوف نظل نتحمل. إلا أننا أصبحنا ندرك جميعاً أن المصائب هي التي تجعل الناس متكاتفين وأقوياء. ها هي ذي أشجار الكرز تتفتح في الربيع بعدما عانت صقيع الشتاء القارس. اليابان اليوم تم بناؤها عبر جهود الشعب وحكمته في مواجهة العديد من المصاعب بعد الحرب العالمية الثانية وبهذه الروح الاستثنائية من التصميم والعزم بالإضافة إلى الدعم المقدم من العديد من الدول سوف نصبح أكثر قوة ومنعة خلال عشر سنوات وسوف ننهض أقوياء من تحت الركام والحطام والأنقاض. لقد كان جناح اليابان في حقيقة الأمر هو الخطوة الأولى في الطريق إلى بلوغ هذه الغاية. * السفير الياباني لدى المملكة