منذ سنوات والأستاذ مسعود أمر الله يواجه سؤالاً عن جدوى استمراره في دعم السينما الخليجية ووقوفه إلى جانب مخرجين هواة كان معظمهم إلى وقت قريب يصنع أفلاماً متواضعة، فكان يرد دائماً، وبنبرته المتفائلة، بأن كل ما نراه هو الخطوة الأولى من مشروع سينمائي إبداعي كبير، مؤمناً بأن هؤلاء الشباب سيتطورون مع الزمن ليصبحوا الأساس الذي تقوم عليه الصناعة السينمائية الخليجية.. ومما رأيته في الدورة الرابعة من مهرجان الخليج أستطيع القول بأن نبوءة مسعود أمر الله قد تحققت بالفعل. فالدورة بشكل عام كانت ناجحة تنظيمياً، ومتألقة على الصعيد الفني، حيث لم نعد نرى أفلاماً مزعجة ومترهلة فنياً، فلا مشاكل مع الصوت، ولا سوءاً في الصورة، بل على العكس أصبحنا نرى تألقاً بصرياً غير عادي كما في الفيلم الكويتي "ماي الجنة" لعبدالله بوشهري، ونضجاً سردياً كما في الفيلم الوثائقي الإماراتي "حمامة" للمخرجة نجوم الغانم. أما المشاركة السعودية فيمكن وصفها إجمالاً بأنها ناضجة وتُعبّر عن استقلالية فنية وفكرية للمخرجين الشباب، وإن كان هناك ما يستحق الاحتفاء فعلاً فهو الحضور المميز للمخرج والمنتج السعودي الشاب فهمي فرحات الذي لم يكتف بمشاركته بفيلمين طويلين أحدهما روائي بعنوان "المؤسسة" والآخر وثائقي بعنوان "ليلة عمر"، بل زاد على ذلك بإنتاجه لفيلم "وينك؟" للمخرج عبدالعزيز النجيم، وهي بادرة ممتازة تستحق التقدير من منتج شاب وذكي ينوي منذ الآن الاستثمار في صناعة السينما السعودية، مُجنداً كل إمكانياته التقنية لخدمة المخرجين السعوديين الشباب. وبحسب ما ذكره لي، فإنه بصدد إنتاج عدد أكبر من الأفلام القصيرة لعدد من المخرجين الشباب، الأمر الذي سيجعله الداعم الأول للسينما السعودية والاسم الأبرز في الدورة المقبلة لمهرجان الخليج.. وما أتمناه أن يكون فهمي فرحات نموذجاً يحتذى به بقية المنتجين السعوديين. هذا الحضور المميز لفرحات ولبوشهري ولنجوم الغانم ولبقية السينمائيين الشباب، يُسجل لصالح مدير مهرجان الخليج السينمائي الأستاذ مسعود أمر الله الذي آمن قبل سنوات بقدرة الشباب الخليجي على صناعة سينما ممتازة تقنياً وفنياً، وها هي الدورة الرابعة تأتي لتؤكد صحة رهانه بما احتوت عليه من أفلام جميلة وحضور أجمل لسينمائيين شباب يمتلكون المعرفة والثقافة والرغبة في رفع اسم الخليج عالياً في المحافل السينمائية العالمية.