يهتم الشباب عادة بسياراتهم وشكلها الداخلي وزينتها الخارجية وأنوارها وحتى رقمها، ونجد الكثير منهم يصرف مالا ووقتا للميزة. وربما طال كلامي هذا الأسر فهي أيضا تتباهى بالمركبة وشكلها وتلميعها. لا يتعاطى مع المحروقات كالبنزين وزيت المحرك أو بميزان الهواء في العجلات، أو بسرعة المحرك أو بوزن الكابح (الفرامل). وربما لا يعرف عنها شيئا ويترك الأمر لخدمة خارجية. وعندنا من السيارات الكثير، وقد لا أتجاوز الدقة إن قلت بأن الرقم عندنا قياسي ويتعدى مثيله في الجوار. وقرأتُ أخيرا في إعلان تحريري في هذه الجريدة قولا لأحد رجال الأعمال عن السيارات في بلادنا، وتاريخ دخولها واستعمالها. وكرر الراوي قولا يذكر فيه أن بعض أهالي القرى قدموا البرسيم لأول سيارة مرت ببلدتهم، معتقدين أنها حيوان. وسمعنا بهذا القول من أكثر من راوي، لكن الرواة لم يستندوا إلى أي أحد بعينه أن هذا قد حدث. وأنه مبالغة تفتقر إلى الدقة والصواب. فأولا: أن الأنعام معروفة رعيا وحملا وأكلا ووحشا وزاحفا منذ القدم، وجاءت في التنزيل تقريبا إحصاء. فمن أين يأتي حيوان على شكل (موتر)، كي يطعمه (متبرعون!) البرسيم. هذه تسلية جاء بها أحدهم والقليل يصدقها. ثانيا: كيف يتبرّع أهل البلدة بتقديم (الغذاء) لذاك (الحيوان) الرّكوب، دون علم صاحبه أو -على الأقل- استئذانه. ولو استأذنوه لصحح اعتقادهم. أتيت بتلك الحكاية للسياق فقط. وموضوعي ليس هذا. موضوعي هو أن هذا العدد الهائل من السيارات التي نملكها لم تمنحنا حتى الآن التأهيل اللازم لفتح ورش نموذجية سعودية عملا وإدارة. لو كنا فعلنا ذلك من أيام (البرسيم!) لأصبحنا قوما يُصدّر خبراته الميدانية إلى دول الجوار في كل المركبات المدنية والعسكرية والإسعاف والرافعات وآليات مكافحة الحريق والإنقاذ ودفن المعابر والممرات للجيش لمعايير وأغراض دفاعية ولوجستية لا يستغني عنها أيّ جيش في العالم. كانوا في السابق يسافرون باللوري المحمل بالبضائع والركاب عبر الصحراء. واعتمادهم بعد الله على ما لدى السائق و(المعاون) من فطنة ميكانيكية وخبرة تجعله يوقف السيارة ليستبدل قطعة أو ليزيد الزيت، بمجرد سماعه لصوت غريب في الماكينة. هل لاحظتم كثرة عربات نقل السيارات المعطلة (السطحات) في مدننا وعلى طرقنا السريعة. ربما ستقترب يوما من عدد السيارات!.