لكمْ نشكو من نقص القدرة على الانتباه ، وغفلة لا تليق بالمسؤولين ، ونسيانٍ لا يليق بالمهتمين !!.. فنعلل الأمر على اساس انه ضعف في الذاكرة، أو بسبب تقدمنا في السن ، فننسى الأكل على النار ، وننسى مواعيدنا المهمة ، وواجباتنا اليومية ، والسبب يعود لنقص الانتباه الطبيعي ، البعيد عن القلق المرضي او عكسه من البلادة العقلية وعدم المبالاة .. وأكبر الآفات هو سماحنا للمشتتات بالتداخل في أذهاننا على شكل هموم وغموم وأفكار وحلول لمشكلاتنا ، أو إيجاد المشتتات داخل بيئتنا كالتلفاز والراديو والجوال وغيرها من المزعجات البصرية والسمعية ، معاكسين قدراتنا التي أخبرنا بها خالقنا ، فما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه .. **** والحقيقة أن علمك الذي تعلمته طوال عمرك ، وذكاءك الذي حاولت شحذه سنيّ حياتك ، وسرعة بديهتك التي عودت نفسك عليها ، كلها معرضة للنقص والتلاشي ، متى مافقدت عنصر الانتباه ..!!.. فنحن نظن أن التطنيش والتغافل وعدم المبالاة بما يحدث امامنا ، تجلب لنا الهدوء والسكينة وراحة البال ، ولكن الحقيقة ان الله الحكيم قد وهبنا جهازا عصبيا حساسا يتفاعل مع مايحصل من حولنا لحكمة ربانية عظيمة ، فبقدر ماتنتبه لما حولك وتتفكر فيه بقدر ماتتعلم وتفطن .. **** كل إنسان منا يملك انتباهين ، احدهما (لاإرادي) فبه ينتبه لصوت الانفجار وقرع الاجراس، ووميض الانوار الساطعة ونداءات الجسد من جوع وحر ومايقابلهما ، وهناك انتباه آخر (إرادي) يتحكم فيه الشخص تركيزا أو تجاهلا ، وهذا الانتباه الارادي هو الذي يصنع التفاوت في العقليات ومستوى التفكير والفطنة .. **** اسأل نفسك مامدى انتباهك وتركيزك لما حولك ؟ وما مدى قدرتك على استحضار حاضرك ، في وقت أنت فيه بعيد عن مشتتات الانتباه سواء أكانت نفسية كالحزن والاكتئاب والغضب ، ام مادية كالحر والبرد والظلام والضوضاء، ام جسدية كالارهاق او التعب او قلة النوم ، ام اجتماعية كالخصام والفقر والنزاع العائلي ، فإن عدمت هذه المشتتات فما مدى قدرتك على الانتباه؟ وعند الاجابة عن هذا التساؤل سوف تعرف تماما سبب ذكاء الاذكياء وفطنة الفطناء، وسرعة بديهة الحكماء وابتكار المخترعين وحنكة العلماء .. وعلى دروب الخير نلتقي ...