الموت حق .. وكل سيأتيه دوره .. ودور شاعرنا عثمان السيار أتاه وهو خارج وطنه يعمل بدون كلل حتى أواخر عمره .. أسأل الله أن يغفر له ويرحمه وسيكنه فسيح جناته .. عرفت الأستاذ عثمان السيار حينما كنت أدرس في المرحلة الثانوية عام 1377 ه أي منذ 55 عاماً .. وقد بدأ حياته العملية مفتشاً للمعاهد العلمية .. وكان نعم الرجل المخلص في عمله .. تتوفر فيه النزعة الوطنية الفائقة .. ويتحلى بعاطفة عميقة للشباب .. برز بذلك في الكثير من قصائده الشعرية .. وبعد إنشاء جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية اختاره معالي الجامعة مستشاراً لشؤون المعاهد العلمية .. وكنت آنذاك أعمل مديراً للدراسات والمعلومات في الجامعة وأشترك معه في كثير من لجانها .. وأذكر أنني كلفت معه لإعداد تقرير إعلامي تاريخي موثق عن المعاهد العلمية لضمه للتقرير العام عن التعليم بالمملكة .. فكانت طريقته في تحضير المعلومات وتنسيق الدراسات من أبرع الطرق وأفضلها ( رحمه الله ) .. وبعد سنوات قضاها في الجامعة تم نقله الى جهاز الحرس الوطني ليعمل في مكتبة الملك عبدالعزيز في المغرب فطاب له المقام هناك حيث المجال الخصب للمعارف والعلوم واعتدال الجو وجمال الطبيعة حتى لقي ربه متسلحاً بنور الآفاق الشعرية المزدهرة .. لقد كان رحمه الله من أرق الشعراء وألطفهم .. أذكر من شعره الأبيات التالية : كل يوم مرّ من عمري سدى غير يوم صغته لي موعدا هو في كل حياتي باقة وردها مازال عطرى الندى أنا مافارقت في هذه الحياة أملا أرجوه أو مجداً أراه مثلما فارقت محبوبي الذي كان لي كل رجائي في الحياة لقد أشتهر (رحمه الله) بأنه شاعر المجمعة ويختزن محبة لها ولأهلها ..وكان يزورها بين حين وآخر ويتغنى بأجوائها وربيعها ومن شعره فيها : جمعتِ العلا والندى والسعه فسمّاك أجدادنا ( المجمعه ) جادتك من غاديات المزن وطناء يامنزل العز والإخلاص فيحاء تنقلت في ساحتها أشتري جديداً يرنمه مزهري ويبدو لعيني جنون الصبا وأيامه في رُبى المشقرِ كأني مازلت ألهو به مع الصحب في عالم أخضر بلادي على ضفة ( المشقر ) بظل منيخ الأبى السرى كأن النخيل على ضفتيه عقود الزمرد والجوهري أحب جبالك ذات الجلال أحب فيا فيك لا أمتري اللهم يارب اغفر لشاعرنا عثمان وارحمه برحمتك.. *مستشار ثقافي متقاعد