بعد اربعة اسابيع من التمحيص والتدقيق في واشنطن افرجت قناة الحرة الامريكية يوم الجمعة الماضية عن اللقاء المرتقب مع المخرج العالمي السعودي عبدالله المحيسن، كان المحيسن حاضرا وفيلمه " ظلال الصمت "انتاج 2006م، منذ اشهر تقريبا وتحديدا مع بداية الثورة التونسية، اعاد المثقفون سيناريو الفيلم الروائي الشهير بحضوره في اهم المهرجانات السينمائية رغم ان بلد المخرج والفيلم لا يوجد بها سينما على المستوى الرسمي !! كان حديث عبدالله المحيسن واقعيا واكثر دراية بما حوله والاهم والاكثر اهمية انه كمثقف لم تغازله حرية اجواء قناة الحرة كما هو حال الكثيرين وخصوصا من بعض السعوديين ، كان يتحدث بتلقائية المطلع عن قرب لما يجري حوله ، وكان اللقاء في الوقت نفسه ذا صبغة تحولية في القيمة الاستشرافية لافلام المحيسن وبعدها الثقافي، فكان الحديث مفعما بالهم العربي ومتناولا تنبأ المحيسن ادبيا وفنيا بما يحدث حولنا من ثورات شعبية منذ مطلع العام الميلادي الحالي في اغلبية الدول العربية من المغرب الى المشرق . لو تناولنا فكر المحيسن وتسخيره لخبرته السينمائية في مجال القضايا العربية لاستطعنا ان نؤكد انه من القلائل الذين تعاملوا مع همومهم القومية والوطنية بتجرد تام ودون أي حسابات او معادلات متحولة او مؤدلجة، فالخط السينمائي العالمي للمحيسن هو خط استشرافي وتفاؤلي في الوقت نفسه، لا يهمه الانتظار لسنوات طويلة من اجل ان يصنع قيمة سينمائية راقية كفيلمه " ظلال الصمت " ولا يهمه الحضور لمجرد الحضور فقط، حضر في قناة الحرة لان الفيلم الذي مضى عليه سنوات يعايش احداثه الجميع في وقتنا الحالي، حتى الرمزية في هذا الفيلم هي الرمزية الشفافة، التي يستطيع ان يستشفها بتلقائية المتابع العادي للهم العربي، لم تكن رمزية مبهمة او مثيرة للاستفهامات المتنوعة، ولكنها كانت اكثر واقعية في سردها للحاضر بتفاصيل انتاجية ضخمة ومتقدمة تقنيا. مشكلتنا اننا مع الاحداث المحيطة حولنا ، نصاب بالابهار ودرجة التبلم عندما يتم الاعلان عن مثقف غربي تنبأ او توقع بعض ما يجري من حولنا خصوصا من احداث سياسية، ولا نحرك للاسف مشاعرنا ونظل ساكنين لو كان احد المثقفين العرب قد مر بتجربة المثقف الغربي، وهذا الحال المؤسف لعدم فهمنا لبعضنا انطبق كثيرا على العالمي المحيسن، حتى ان القناة الامريكية رغم انها اجرت اللقاء معه منذ شهر تقريبا، الا انها تأخرت نوعا ما وبحذر شديد في طرحه، كدليل على القيمة الفنية والثقافية التي يمثلها فكر مخرج " ظلال الصمت "!! القمع والاستبداد وغسيل المخ والانظمة القمعية رغم قوتها وسطوتها البوليسية جردها المحيسن من جميع انواع البطش وجعل المواطن العربي في فيلمه ان يحقق المعجزة وينتصر لحريته ولكرامته وباسلوب كالذي شاهدناه ونشاهده حاليا في الكثير من الدول العربية التي تشبه انظمتها " المعهد" في الفيلم الشهير ظلال الصمت، فتحيه كبيرة لمخرجنا العالمي ولقيمته الثقافية والفنية وكم نحن مشتاقون بانتظار افلامه " واقدساة" الذي يعمل عليه منذ عام 1978 وكذلك " الطريق الى مكة " وايضا فيلم " وحدة المملكة العربية السعودية ".