تنطلق الأسابيع المقبلة المرحلة الأولى من انتخابات المجالس البلدية في دورتها الثانية، وسط ترقب ومتابعة لما ستؤول إليه الانتخابات ومن سيظفر بنتيجتها، في حين مازالت ذكرى الانتخابات السابقة حاضرة في ذاكرة المتابعين عندما تصدرت النتائج القوائم المزكاة أو ما اصطلح على تسميتها ب"الذهبية"، واكتسحت المرشحين الذين كانوا يتصدرون القوائم حتى اليوم الأخير من فرز الأصوات، وذلك مادفع بالمرشحين الخاسرين الاتجاه للقضاء لتسجيل اعتراضهم والطعن في النتائج. الوزارة تنفي الفشل! القائمون على المجالس البلدية في الوزارة دافعوا بشدة عن هذه المجالس وأكدوا نجاحها، فقد أكد الأستاذ "عبدالرحمن الدهمش" - رئيس اللجنة العامة للانتخابات البلدية - على نجاح تجربة المجالس الأولى، وأنّ ماقامت به كان مرضياً، مستشهداً بالقرارات التي اتخذتها بلغة الأرقام، متطلعاً لزيادة عدد المشاركة من خلال إسهام المواطنين جميعاً في هذه العملية مهما كانت ملاحظاتهم السابقة. وأثنى أمين العاصمة المقدسة "د.أسامة البار" على تجربة المجلس البلدي في مكةالمكرمة واصفاً إياها بالجيدة قياساً إلى كونها المرحلة الأولى التي تكون عادة فترة تجريب ورصد للمشروع، كما أوضح "د. طارق فدعق" -أول رئيس للمجلس البلدي في جدة عضو مجلس الشورى - بأنه من الظلم الحكم بفشل المجالس البلدية؛ لأنه يرى أنها حققت نجاحات لابأس بها قياساً إلى تجربتها والتحديات التي واجهتها، مستشهداً بما تحقق في مجلس جدة مثل المساهمة في إنهاء معاناة حرائق المردم والغازات السامة والروائح الكريهة التي كانت تصدر من المردم القديم، ودور المجلس في تسريع تجفيف بحيرة الصرف. د.طارق فدعق المجالس أخفقت الإعلامي ورئيس تحرير صحيفة الوطن سابقاً الأستاذ "جمال خاشقجي" أكد غياب المجالس البلدية طوال السنوات الست التي هي عمر المجلس في دورته الأولى، فلم يشعر بها أحد وحضور أعضائها كان على وسائل الإعلام، مشيراً إلى عدم نجاح أي مجلس بلدي في كشف رقم أي مشروع أو إيقافه أو محاسبة مسؤول في الأمانة. في حين حمّل "م. زياد فارسي" - نائب رئيس الغرفة التجارية بمكة (مرشح سابق) - الأعضاء المعينين الذي ترأسوا المجالس البلدية في دورتها الأولى مسؤولية إخفاق المجالس البلدية؛ لأنهم في رأيه غير مستقلين، ويقعون تحت تأثير وظائفهم الرئيسية في الأجهزة الحكومية، مطالباً في الوقت ذاته بأن يكون رئيس المجلس من المنتخبين، أما "د.فدعق" فقد برر ضعف إنجاز المجالس البلدية في المملكة؛ لعوامل عدة من أبرزها صلاحيات غير مفعلة، وحداثة المجالس حيث كانت صفحة بيضاء. تداول «القوائم الذهبية» مخالفة صريحة للنظام و«المرشحون الخاسرون» طعنوا في النتائج دون جدوى الصلاحيات والاستقلالية ومن أبرز مطالبات المرحلة القادمة؛ منح صلاحيات تمكن المجالس البلدية من القيام بمهامها التي كفلها النظام، لذلك يرى أمين العاصمة المقدسة أنّ العلاقة التكاملية هي التي يجب أن تسود بين المجالس والأمانات، مشيراً إلى أنهم رفعوا للجهات المسؤولة عن الانتخابات بملاحظات وتوصيات لتلافي سلبيات المرحلة السابقة، أما "م. فارسي" فيرى أهم عنصر لنجاح المجالس البلدية هو إسناد رئاسة المجلس للأعضاء المنتخبين؛ حتى نضمن استقلالية الرئيس، فيما يطالب "خاشقجي" أن تكون المجالس البلدية أقوى من البلديات كونها جهازا رقابيا ومتى ما فُعل دورها فإنها ستحد من التجاوزات والإهمال والتراخي، من جانبه يؤكد "د.فدعق" على ضرورة استقلال المجالس البلدية مالياً وإدارياً عن الأمانات حتى تكون أكثر قدرة على اتخاذ قراراتها بعيداً عن التأثيرات والتبعية، ولم يخف اعتراضه على ضعف ميزانية المجالس البلدية والتي في نظره لا ترقى لطموحات القائمين على المجالس البلدية. م.زياد فارسي تأثير الاجتهادات وطرح "د.فدعق" مشروعاً يرى فيه دعماً قوياً للمجالس البلدية والمتمثل في وجود جهاز من غير الأعضاء داخل المجالس مهمته الدعم الفني، مفضلاً: أن يكون أعضاء الجهاز من المراكز البحثية في الجامعات؛ حتى تنتفي المصلحة وفائدته ستكون مفصلية في الدراسات والمراجعات وترجيح التصويت على القرارات والمشاريع والبرامج المطروحة على طاولة المجالس البلدية وفق رأي موضوعي وعلمي بعيداً عن الاجتهادات، كما أنّ الرأي العلمي يخفف من حدة الصراع داخل المجالس كون البعض من أعضاء المجالس يفتقد الخبرة الفنية في ما يطرح خاصة مايتعلق بالمشروعات والميزانيات والتي تتطلب مختصين، مشيراً إلى مبادرة مجلس جدة في الاستعانة بمجموعة من الباحثين من جامعة الملك عبدالعزيز الذين تبرعوا بوقتهم وجهدهم لخدمة مدينتهم، كما تمنى "د.فدعق" تقليص عدد أعضاء المجالس من المنتخبين والمعينين؛ لتحقيق الانسجام والحد من الانقسامات بين أعضاء المجلس مثل ماهو حاصل حالياً، مستشهداً بتجربة المجلس البلدي في بروتلاند بالولايات المتحدة الأمريكة والمكون من ست أعضاء مع تعدد مهامه التي لا تقتصر على الشؤون البلدية وإنما تتجاوزها إلى كافة القطاعات. جمال خاشقجي الناخبون يعيرون أصواتهم وقلل "خاشقجي" من تأثر الناخبين بعوامل خارجية قد توجه أصواتهم لمرشحين معينين في الانتخابات البلدية القادمة؛ خدمةً لأجندة معينة، وعزا ذلك إلى المناخ الذي يعيشه العالم والاستفادة من تجربة الانتخابات السابقة؛ إلاّ أنه أكد عدم خلو أي انتخابات في أي مكان من تأثيرات حزبية أو طائفية بشكل أو بآخر، إضافة إلى دخول المال السياسي كطرف مؤثر في اللعبة الديموقراطية، لكنها في النهاية أحد إشكالات الديمقراطية التي علينا التسليم بها كما يقول، محذراً في الوقت ذاته من تدخل أي جهة في العمل الانتخابي والتأثير على الناخبين. التنافس الشريف وناشد "م. فارسي" الناخبين منح أصواتهم لمن يخدمهم ولا يسلموا عقولهم لأحد متأملاً أن تشهد الانتخابات القادمة مرحلة جديدة من التنافس الشريف؛ بعيداً عن تدخل أي جهة يمكن أن تؤثر في توجيه الأصوات، محملاً بعض الجهات في الانتخابات السابقة مسؤولية التأثير على الناخبين وتغيير مسار النتائج، مستشهداً بما حدث في دائرته حين لم يجمع الفائز من دائرته إلا 200 صوت ولكنه فاز بأكثر من 1400 بواسطة التحالفات من دوائر أخرى. د.أسامة البار تثقيف الناخب وأشار "الخاشقجي" إلى أهمية تثقيف الناخب وتعريفه بتأثير وقيمة صوته، وألا يعير قراره لأحد، مطالباً وسائل الإعلام بضرورة تعريف أفراد المجتمع أهمية المشاركة والتصويت للأكفأ والأقدر على خدمتهم، ومستبعداً تكرار ماحدث في الانتخابات القادمة من تأثير على الناخبين كون المرحلة السابقة كانت جديدة على المواطن السعودي، معتقداً أنّ تكرارها سيكون من الصعوبة بمكان معرباً عن تفاؤله بالانتخابات القادمة، ووصول مرشحين قادرين على ترجمة برامجهم الانتخابية على ارض الواقع، وكانت الوزارة قد أقرت ربط تصويت الناخب في الدائرة التي يقيم فيها بحيث يكون له صوت واحد فقط لمرشح واحد في دائرته. غياب المرأة يتواصل وأكد "الدهمش" حرص الدولة على مشاركة المرأة بما يتناسب مع الوضع الاجتماعي للمملكة، مرجعاً غياب مشاركة المرأة في هذه الدورة برغبة الوزارة في بذل المزيد من الاستعدادات التي تتناسب مع ذلك، حيث إنّ العملية الانتخابية شفافة وحساسة جداً، وتخضع للرقابة وهنالك معايير دولية لها لذا لابد من وجود أجهزة مدربة في المناطق، وتوفير إجراءات لتحقيق ذلك بشكل تدريجي حتى تتمكن من المشاركة وهو مايعمل عليه حالياً، مستشهداً بتجربة عدة دول عربية وخليجية سبقت المملكة في هذه التجربة، ولم تشارك المرأة في الانتخابات إلا بعد سنوات كمصر والبحرين والكويت والأردن والعراق وتناول مشاركة المرأة بفاعلية في الجانب التنفيذي للأعمال البلدية من خلال تفعيل قرار مجلس الوزراء بإيجاد أقسام نسائية في البلديات والأمانات وفي الوزارة، مشيراً إلى قيام الوزارة بإجراءات وتصورات للمرحلة القادمة، مقترحاً تشكيل لجان لتهيئة مشاركة المرأة مستقبلاً.