سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
ابن حميد: تطبيق الإسلام في المملكة ليس وظيفة أو مجرد نشاط من النشاطات بل هو الروح والحياة والغاية أكد أن التزلف ليس حامياً للدول ولا التذمر مصلحاً للأمم وأن النقد وحده لا يقدم مشروعاً
أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ صالح بن حميد المسلمين بتقوى الله عز وجل في السر والعلن وخشيته ومراقبته وشكره على نعمه والالتزام بسنة نبيه صلى الله عليه وسلم. وقال فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها يوم امس في الحرم المكي الشريف: التعاطي مع الأحداث وأخذ العبر ودروس الاعتبار يكون ذلك كله بالعقل الحصيف والهدوء الحذر وفي ظل الأحداث المتسارعة والتقلبات المتتابعة تكون الحكمة ضالة المؤمن فليس التزلف حاميا للدول ولا التذمر مصلحا للأمم والنقد وحده لا يقدم مشروعا وردود الأفعال لا تبني رؤية راشدة وبلادنا بلاد الحرمين الشريفين المملكة العربية السعودية تمتد على هذه الأرض المباركة بصحرائها وسهولها وجبالها وأوديتها وبحارها فيها أول بيت ووضع للناس وختم بنبيها بالرسالات وتنزل آخر كتاب في ديارها خصوصيتنا في موقعنا وفيما اختار الله لنا من متنزل وحيه ومولد رسوله ومبعثه ومهاجره ومماته عليه الصلاة والسلام بلادنا قبلة المسلمين تحتضن شعائرهم ومشاعرهم بلدنا ليس مرتبطا بمشاعرنا وحدنا بل مرتبط به كل مسلم فأمننا أمنهم واستقرارنا استقرارهم جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس. وأضاف قائلا: وأرضنا بإذن الله هي التي صنعت التاريخ بل أهم حدث في تاريخ الدنيا تغيرت به وجوه الأمم والممالك ودولتنا في تاريخها الحديث هي امتداد لذلك التاريخ العظيم والتزام بتلك الرسالة الخالدة وبالقيام على الشريعة المطهرة واتباع سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم وتاريخ مملكتنا تاريخ دين ومبادئ يجتمع عليها الجميع ويقبلها ويعتز بها الجميع ويتمسك بها الجميع ليست مبنية على عصبية ولا إقليمية ولا مذهبية الرجال الذين أقاموا هذا الكيان لا يعتصمون بقبيلة ولا يتعصبون لفئة إنه تاريخ الدين والدولة والأسرة والوطن الذي ينتهج الجمع بين الأصالة والمعاصرة والالتزام والتحديث جذوره تضرب في أصول الإسلام وفروعه تتطاول خضراء مزهرة مثمرة وتتأقلم مع محيطها أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها بإذن ربها. وأشار إلى أن قيام الدول من أهم الظواهر السياسية والاجتماعية التي تسجلها صحائف التاريخ ثم يعكف الباحثون على دراسة مختلف جوانبها وكلما كانت الدولة متميزة في ظروف نشأتها متفردة في عوامل قيامها كانت أجدر بالبحث في طبيعتها وجوهرها وعناصر مكوناتها وإذا كان ذلك كذلك فهذه نظرة في بعض عناصر المكونات الكبرى في دولتنا والجوهر البارز من خصائصها من ذلك أن غايتنا في رايتنا (لا إله إلا الله محمد رسول الله) لقد رفعت دولتنا شعار توحيد الله والحكم لله والأمة الواحدة والأخوة الإيمانية والولاء لله ولرسوله والطاعة لولي الأمر والبيعة على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الإسلام نهجها والكتاب والسنة دستورها الدين والحكم في دولتنا أخوان لم تقع في مسلك اقتصادي أو مبدأ سياسي أو عقد اجتماعي بل منهج ينتظم ذلك كله في سياسة الدين والدنيا مؤكدا أن دولتنا ارتفعت حين رفعت راية الدين والتوحيد والوحدة فحفظ الله بكرمه ومنته وفضله علينا ديننا وجمع فرقتنا وأغنانا من بعد عيلة وأمننا من بعد خوف وعلمنا من بعد جهل وألبسنا لباس الصحة والعافية ومن كل خير وفضل أمدنا وأعطانا. وأفاد الشيخ ابن حميد أن دولتنا استطاعت بعون الله وتوفيقه أن تحقق الاستمرار التاريخي على خلاف توقعات كل الخصوم وتمنياتهم وتطبيق الإسلام عندنا ليس وظيفة وليس مجرد نشاط من النشاطات بل هو الروح والحياة والغاية وهو المجسد للهوية والمحقق للولاء والانتماء وأي غفلة عن مقومات هذه الهوية للدولة أو إخلال بها أو تهاون في المحافظة عليها هو هدم يتحقق أثره بقدر حجمه ومن هنا فلا يمكن التفريق بين الكيان والنظام فهما دولة ودين ووطن وشعب لافتا النظر إلى ان مملكتنا هي العروبة الملتحمة بالإسلام والإسلام المحتفي بالعروبة ديننا دين الدولة والدعوة والحوار والثوابت والتفاعل الإيجابي مع التجارب الإنسانية وأخذ العبرة ودروس التاريخ لم يكن التقرب بالحاكم على حساب المحكوم ولم تكن مجاملة الناس على حساب الحق والعدل. وأوضح فضيلته أن من عناصر مكونات دولتنا المتميزة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أنه ركيزة أساس من ركائز هذه الدولة المباركة في أدوراها الثلاثة صريح في نظامها الأساسي وأحد ترتيباتها الإدارية إن هذا المكون أعطى دولتنا ومجتمعنا بعدا متميزا في الأمن الاجتماعي والضبط الأخلاقي ومنهج النصح والإرشاد والتوجيه والإجراءات الوقائية إنه صورة من صور التكافل الحسي والمعنوي للمجتمع ينعكس أثره على المواطن والمقيم على حد سواء إنه يحمي الجميع بإذن الله من سلوك قلة أو تصرف شاذ منحرف بصاحبه عن الصراط المستقيم. وقال فضيلته : إن من خصائص دولتنا ومزاياها علماءها ورجال الشرع فيها فلهم مكانتهم رجال علم ودعوة واحتساب برز ذلك في تاريخ الدولة الطويل فالحاكم يطلب النصيحة ويستقبلها ويقبلها والعالم ورجل الشرع يبذلها ويقوم بالاحتساب على الحاكم والمحكوم بل لا يتصور في هذه الدولة المباركة أن يتقاعس طالب علم عن الاحتساب والمناصحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على مستوى الدولة والأمة ولتستبين هذه الخصيصة فل تنظروا في تاريخ علماء المسلمين من بعد خلافة راشدة والقرون المفضلة لا يكاد يرى المتأمل ارتباطا وثيقا بين علم العالم والعمل الاحتسابي في الساحة العامة فغالبهم يشتغل على التعلم والتعليم والتدريس والقضاء والفتيا والتاريخ فليس من السهل عندهم احتساب على الناس والولاة إلا قلة قليلة يذكر ذلك في سيرهم وتراجمهم. وأفاد فضيلة أن المملكة العربية السعودية بلاد الحرمين الشريفين هي بلادنا ودارنا وبيتنا ومستقرنا الولاء لها بعد ولاء الدين الولاء للوطن فوق كل ولاء وانتماء وأمنه واستقراره مقدم على كل التطلعات وفوق كل المطالبات سواء في ذلك الحاكم والمحكوم وعند التقلبات والشدائد هذا هو أول وأولى ما يجب النظر فيه ويتطلع إليه والمحافظة عليه والاستمساك به فمهما اختلفنا ومهما تعددت مطالبنا وتنوعت رغباتنا وآمالنا المشروعة فيجب أن نكون على يقظة تامة من أمرنا فكم من متربص يريد تفتيت بلادنا وتمزيق شملنا وهدم وحدتنا وانهيار كياننا والسعيد من وعض بغيره مشيرا إلى أن الوحدة الوطنية وتماسك المجتمع وحماية المقدسات هي أعلى وأغلى ما نملك بعد عز الإسلام وحفظ الدين هذا الأمن بفضل الله وعونه شارك في صنعه آباؤنا وأجدادنا بقيادة الرجل المبارك الإمام القائد الملك عبدالعزيز رحمه الله وحفظ ذلك وحافظ عليه أبناؤه الملوك من بعده ويسهر عليه رجال الأمن والعسكر بكل قطاعاته وفي مختلف رتبه ومن كل أبناء الوطن إنهم يحفظون أمننا ومقدساتنا وسعادتنا وأحوالنا وأموالنا وأنفسنا وأهلينا. وبين فضيلته أن كل فتنة أو مسلك أو دعوة تهدد الوطن ووحدته والمجتمع وعيشه يقف أمامها الجميع بالمرصاد صفا واحدا في كتيبة واحدة متراصة في وجه كل متربص ومواجهة كل صائل ودحر كل عاد كائنا من كان لافتا النظر إلى أن الدولة تعانقت مع الدعوة لوضوح منهج وجلاء مسلك كتابا وسنة ومنهجا على طريق السلف الصالح في مبادئ ثابتة لا تؤثر فيها أقوال المتقولين ولا تعكر عليها تخرصات المتخرصين ولا تنال منها افتراءات المفترين إعلان للشرع نص عليه النظام وتطبيق في العمل والأحكام وتوحيد للوطن واجتماع في الكلمة ونبذ كل أنواع العصبية وعوامل الفرقة. وقال فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ صالح بن حميد: إن من غير المنكور ما أفاء الله علينا في بلادنا من نعمة المال الفائض والخير الوفير والعيش الرغيد مما تغير معه أنماط العيش وأساليب الحياة واتصال بلادنا بالعالم وتأثرها وتأثيرها في متغيرات الحاضر والحضارة بإيجابياتها وسلبياتها وإفرازاتها ولكن إدراك المملكة لمكانتها واعتزازها بدينها حفظ عليها أن تظل ولله الحمد متمسكة بمبادئها ملتزمة بمنهجها محافظة على الأسس التي قامت عليها يستوي في ذلك حكامها وشعبها وعلى ذلك مؤسسات الدولة وسياسات الحكم ومناهج التعليم والتراكيب الإدارية والاجتماعية ومع كل هذا الخير الذي نعيشه والفضل الذي نرفل فيه والرضا الذي ننعم به فلنعلم علم اليقين أن الكمال عزيز وأن النقص والقصور والتقصير والخطأ من شأن البشر ومن شأن العاملين ومن المعلوم علم اليقين أن الطريق طويل وشاق لأن مسار الأمم وتعاقب الأجيال يتطلب العقل والحكمة والسير بخطى ثابتة متأنية غير متوقفة في قوة راشدة وعدل باسط وعسكر ضابط وقضاء عادل وسياسات حكيمة ومال رشيد وتنمية مخططة ورحمة تحيط بذلك كله وإحسان وإدراك أن ما يحدث في بلد أو منطقة ليس باللازم أن يكون ملائما لبلد آخر أو منطقة أخرى فبلدنا تختلف في طبائعها ومكوناتها وظروفها وأحوال أهلها.