تنقطع الأواصر بين الحاكم و المحكوم حين ينظر الحاكم لشعبه من موقعه نظرة استعلاء و تجبر مليئة بالظلم والاستبداد متناسيا حقوقهم، ليهب الشعب لرفع الظلم عن نفسه و استرداد حقوقه فيسلك طريقا خاطئا معبدا بالدماء فينتفي الأمان ويشقى العباد و تهلك البلاد و تلك مغبة الظلم، و على النقيض من ذلك هناك صورة مشرقة عمرت بها بلادنا الحبيبة ورسمت بماء الذهب وإنها لأغلى من ماء العيون، إنها صورة الأواصر المتينة بين خادم الحرمين الملك عبد الله بن عبد العزيز – حفظه الله- وشعبه، و التي هي أواصر فريدة في تاريخ الأمم بين الحاكم ورعيته ، ومن نافلة القول أن هذا التلاحم لم يكن وليد اللحظة أو رهن حدث معين بل كان محصلة العطاء و الوفاء الدائمين بين المليك و شعبه، إنه الملك الصالح الذي دأب على تلمس حاجات شعبه و العمل على توفير سبل الأمان و الرفاهية و الاستقرار وسياسته بالعدل و الحب ، إنه الملك الصالح الذي صلحت له الرعية، فكانت جمعة الوفاء وإعلان الانتماء و تجديد البيعة من أبناء الشعب تعبيرا عما تكنه القلوب من حب عظيم و امتنان كبير للمليك الذي سكن القلوب وللأرض التي ولدوا من رحمها ورضعوا من لبنها وعاشوا خيرها وخيراتها وأمنها واستقرارها، كما عكست جمعة الوفاء الرجولة في أسمى معانيها والمواطنة في أروع صورها والتي كانت درعا منيعا ارتدت عليه سهام الخائنين فنكصوا على أعقابهم. جمعة أعقبتها جمعة كان بينهما فيض من الحب سيظل يروي أرضنا الطيبة ، إنها جمعة العطاء و السخاء والمكرمات التي جادت سحائبها بالخير العميم، فجاءت الأوامر الملكية السامية فياضة بالخير متسقة مع نهج خادم الحرمين الشريفين – حفظه الله – في الحرص على كل ما يصب في مصلحة المواطن ويمضي بالتنمية قدما، وقد خاطب حفظه الله أبناءه وبناته شعب المملكة بكلمة كانت ضافية صافية أبوية تعكس ما يتمتع به المواطن من تقدير ومحبة من قيادته كما تميزت الكلمة بمعانٍ سامية عميقة حيث ثمّن خادم الحرمين الشريفين في بدايتها دور العلماء الأجلاء ومفكري الأمة وكتابها في التحذير من الانسياق وراء دعاة الفتنة مرسخا -حفظه الله- بتلك الإشادة أن حكام هذه البلاد لم يستقم لهم الأمر إلا لأنهم عدلوا في حكمهم المستمد من القرآن الكريم والسنة الشريفة ... لقد خاطب الملك رعيته في ختام كلمته بأنه يحملهم في قلبه فأي حبٍ هذا و أي عز ، كما أنه أفضى لهم ببوح حميم حين خاطبهم قائلا (( إنني أستمد العزم و العون و القوة من الله ثم منكم)) فأي ثقة هذه و أي فخار. وفي ختام كلمته حفظه الله جسد قمة التواضع حين سألهم أن لا ينسوه من دعائهم، فلقائدنا ومليكنا ووالدنا نقول كيف ننساك ياأبا متعب و أنت تحملنا في قلبك و تمد لنا بالخير يدك،!! كيف ننساك يا أبا متعب من دعائنا و أنت تسكن سويداء القلب و سواد العين. فالله نسأل أن يمتعك بالصحة والعافية و أن يجزيك خيرا عن رعيتك التي لم تضيعها، وأن يحفظ الله علينا نعمة الأمن والرخاء.... *عميدة كلية العلوم جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن