سيتلاشى أثر الزيادة في دخل بعض الموظفين الذين سيحصلون على راتب شهرين إضافيين بعد أربعة أشهر على الأكثر من استلامها، ويعود السبب الرئيس في ذلك إلى انتشار أنماط الاستهلاك العشوائي وقلة الوعي بأهمية الادخار، وأيضاً ضعف قنوات الاستثمار الآمنة المحفزة للادخار. فدرجة المخاطرة مرتفعة نسبياً في السوق المالية، والخدمات المصرفية المحفزة للاستثمار محدودة الفعالية بسبب القيود الشرعية على معظمها. أما الاستثمار في الأصول العقارية فغير متاح لطبقة متوسطي الدخل باستثناء أصول المضاربة في أطراف المدن التي تتجه إليها السيولة بكميات تنذر بنشوء فقاعة في السوق العقارية. وواقع الحال لمعظم أفراد المجتمع أن حجم إنفاقهم مرتفع جداً في بداية الشهر مقارنة بنهايته، بل يصل بهم الحال إلى حد الإفلاس في نهاية كل شهر. بعضهم لا يستطيع أن يفعل أكثر من ذلك بسبب انخفاض مستوى الدخل مقارنة بحجم الإنفاق على الضروريات. لكن شريحة عريضة منهم تعيش على هامش الاقتصاد وتنحرف بشكل واضح عن الواقعية، وتقحم نفسها في التزامات طويلة الأجل لتحقيق أهداف استهلاكية قصيرة الأجل. أسوأ الناس تدبيراً هو أقلهم قدرة على الادخار، والسلوك الاجتماعي العام الذي لا يعير للادخار أي اهتمام حرف عدداً كبيراً من الأفراد عن الواقعية، فبمجرد الحصول على وظيفة - وقبل استلام أول راتب - يسعى عدد كبير من الأفراد إلى الحصول على قرض لشراء سيارة تفوق قيمتها إمكانياتهم الحقيقية. شريحة عريضة من المجتمع السعودي اقترضت لغرض الاستهلاك، أو الاستثمار، أو التمويل العقاري. بعض هذه القروض تعد قروضاً مزمنة كقروض بطاقات الائتمان التي ما أن يتم سدادها أو سداد جزء منها حتى يتم استخدامها للاقتراض. والقروض الاستهلاكية تعد استهلاكاً حالياً من دخل في المستقبل، وهي ضد الادخار (ادخار سالب). وهناك عدة أساليب للادخار مثل تحديد نسبة ثابتة من الدخل تتراوح ما بين 10 إلى 30 في المئة - حسب مستوى الدخل وعدد أفراد الأسرة، أو تحديد مبلغ مقطوع للادخار عن طريق إيداعه في حساب مستقل أو الدخول في جمعيات. لكن أفضل أساليب الادخار هو ما يحقق التوازن بين الادخار والاستهلاك، وذلك من خلال تحديد الدخل المتاح للاستهلاك (الدخل الشهري مخصوماً منه المصاريف الثابتة كالإيجار وأقساط القروض، والمصاريف شبه الثابتة كفواتير الكهرباء والاتصالات وغيرها). ثم قسمة الدخل المتاح للاستهلاك على أيام الشهر، وناتج هذه القسمة هو رقم جوهري يسترشد به لمعرفة مستوى الاستهلاك بشكل يومي أو أسبوعي، ومدى القدرة على الادخار. *مستشار اقتصادي